د.ثريا العريض
سأفعل بعض الحماقات..!
أبعث أبراج بابل
غيبوبة من دخان
أشيّد أدراجها خطوةً خطوةً
وأعلو إلى شرفةٍ من حنين التبتّل
أعلنُها شرفتي
وأنثر أصداف أزمنتي على صمت بابل
أمنحها الدان والزعفران
بذور الذي سوف يأتي..
أعلن صوتي الصغير المكابد
يزخر بالحلم والعنفوان
وأرفع عن لغتي محنة الأقنعة
**
أحب الذي منعوني
أفاجأ كل الذين نهوني؛
بأن القصيدة، مثل الطفولة، تبقى بنا
كنبض غموض الدخان المهلّل
تحلم أن تقفز السور
ترقص في النور شفّافة مثل عشق
وتكشف بلّورَها لاحتفال المعاني
لتمتحن المدَّ والأشرعة
**
سأفعل بعض الحماقات..!
أنسى الذي حذّرتني تعاليم أمي
وأسري بربكة نيسان - هذا المسرمد
بين العصور.. المبجّل بين الشهور
المحمّل بالشوق للكون.. هذا الغرور -
أبحث عن سر ضحكته في الصدور
لأعرف كيف انبثاق الوجود بنا
في القصيد.. النشيد..
يعيد الخطى رقصات
يبيح المدى خفقات
يميد المدى سوسنا
ويشرع جدراننا شرفات
فتسكننا سفنٌ مشرعة؟
**
سأفعل بعض الحماقات!
حنين يباغتنا في العروق بيوم حسير
وهمس دخان بخور
ويعلن أن الزمان زمان الحماقات؟
تلك التي ما ارتكبنا!
لتنصهر الأغنيات
بمجمرة اللغة الباتعة
**
أعشعش فينا سكون المكان؟
الزمان؟
لماذا إذن.. إذا ما تسلّل نيسان
ما بين خط الغروب وخطو الشروق
ووشوشة المطر المتمرِّد،
خيط بخور تجلّى يخامرنا صحوة رائعة؟
**
وها أنذا أتوحّد
في نبضه
جمرةٌ، أرجوانٌ.. زمرّد
قطرةٌ تتشوّق فجر صباح مطير
تلوّح للسيل: «خذني ..!»
فيحتفل السيل:
«بعد التململ.. قبل التبدّد..
شئتِ .. فكوني..
لك الآن بهجةُ ما يعدُ الكونُ.. سر التغلغل..
عاصفةً من حنين التكوّن
فانبثقي لتزغرد»
**
كذا هو فجر التوحّد بالكون إذ أتهجَّا
الحماقات..
اِسمي..
.. نيسانَ ..
وجديَ.. خفقةَ حلمي..
توهج أغنية من دخان.
**
زمانٌ مثير
بنا -حين يبزغ أو يغتوي وجدَنا-
يتجدّد.
برقصة مفردة ساطعة.