أحمد الجنيدل
مع سياسة العقوبات الاقتصادية التي ينتهجها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ضد إيران، فإن الحرس الثوري كان هو الهدف الجديد الذي تطوله هذه العقوبات.
من الواضح أن ترامب يهدف إلى خنق الاقتصاد الإيراني الممول للإرهاب والقلاقل في المنطقة إلى أبعد مدى. دونالد ترامب يتفق مع دول الخليج أن الاتفاق النووي كان خطأ اقترفه أوباما ولم يكن متسقاً مع مصالح الولايات المتحدة ولا حلفائها. إن الاتفاق النووي السابق كان مدفوعاً برغبة ملحة لدى أوباما بأن يخرج بنصر دبلوماسي يتوّج بها مرحلته الرئاسية، ويكون بذلك هو رجل السلام والتسويات السياسية.
لكن أوباما كان لأجل ذلك مستعداً للوصول إلى اتفاق (أي اتفاق) مع إيران حتى ولو كان هذا النصر الدبلوماسي يضر بمصالح حلفاء الولايات المتحدة. على الجانب الآخر فإن الأوربيين كانوا متحمسين إلى الاتفاق النووي وعودة العلاقات التجارية مع إيران لحاجتهم إلى سوق جديدة تنعش اقتصادهم وتنقذ شركاتهم. لكن كان الاتفاق بدون معنى لأن إيران ظلت سبباً من أسباب إثارة القلاقل في الشرق الأوسط، إنه من المثير ملاحظة أنه إبان الوصول إلى الاتفاق النووي مع إيران كان الحوثي يشعل الحرب في اليمن بدعم إيراني. إيران لم تغيّر سلوكها في المنطقة ولذلك كان الاتفاق النووي يحمل بذور فنائه.
ترامب مصر على فاعلية العقوبات الاقتصادية. إن هدف هذه العقوبات ليس إخضاع إيران لكن الهدف الرئيسي هو تجفيف موارد الإرهاب قدر المستطاع في المنطقة. إن أثر العقوبات كان قاسياً ليس على إيران فقط، بل على حلفاء إيران، وبحسب أحد التقارير إن رواتب العاملين في حزب الله تم حسمها إلى النصف، بل إن أمين الحزب صرح أنه يجب أن نعتمد اقتصادياً على أنفسنا في المرحلة القادمة. ونفس الكلام بالإمكان قوله عن تلك الأحزاب العراقية الموالية والممولة من إيران. إن العقوبات الاقتصادية ضد الحرس الثوري تحديداً لها أهميتها، ذلك أن الحرس الثوري ليس مجرد قوة مسلحة، بل هو مؤسسة ضخمة له أذرعة في الاقتصاد والثقافة والسياحة، إن العقوبات الاقتصادية ضده ستجعل كل من يتعامل معه سواء داخل إيران أو خارجها معرض للعقوبات الاقتصادية الأمريكية، بل لو زار هذا الشخص الولايات المتحدة فسيجد نفسه يحاكم جنائياً. بينما العقوبات الأمريكية السابقة ضد إيران استثنت بعض الدول مثل العراق وتركيا، فإن هذه العقوبات ضد الحرس الثوري لم تسثن أحداً وبذلك فإن الحرس الثوري ربما يخسر أحد أهم أسواقه في تصدير الطاقة أقصد السوق العراقي والتركي.
حجة المعترضين -من إدارة ترامب- على هذه العقوبات هو الخوف من ردة الفعل الإيرانية على هذه العقوبات، لكن هناك تهويل حول ما يمكن أن تفعله إيران حالياً. ولذلك كانت ردة الفعل الوحيدة هي تصنيف القوات الأمريكية في غرب آسيا بأنها إرهابية لكن لا مفاعيل لهذا التصنيف ولم يأخذه أحد بشكل جدي. البعض ناقش أن الجنود الأمريكية في العراق قد يكونون عرضة للهجوم عن طريق وكلاء إيران، لكن وكلاء إيران في العراق لا يريدون المخاطرة بإشعال مواجهة مع الولايات المتحدة، ولا يريدون أن يظهروا باعتبارهم مجرد أتباع لإيران وإلا فإنه سيتم إقصاؤهم من العملية السياسية وسينزع عنهم كل شرعية وطنية ممكنة.
إيران نفسها تريد أن تنتظر حتى الانتخابات الأمريكية القادمة. لكن بغض النظر عن نتائج الانتخابات فإنه من المستبعد رفع العقوبات الأمريكية ما لم تتوقف إيران عن دعمها الميلشيات الطائفية في الدول العربية.