كوثر الأربش
التسويق الشخصي فن. قبل الحديث عن ذلك، لا بد من التنويه على أنني لا أتحدث عن التسويق في سوق العمل، إنني أتحدث عن التسويق الاجتماعي والفكري والتربوي في برامج التواصل.
التسويق الشخصي أو Personal Branding في برامج التواصل قد لا يروج لمنتج مادي تريد الدخول به للمنافسات المالية. بل لمنتج فكري أو تربوي أو اجتماعي. وقد يتبادر للذهن أن التسويق عبارة لا تتسق مع هذا المنحى، لكن في هذا الزمن أتيح للجميع أن يكونوا محللين أو تربويين أو مفكرين، أنت بحاجة حقًا لتسويق ذاتك.
1- لا تنسخ الآخرين
يقال: إننا في زمن تدوير الأفكار، بمعنى أن البشر الذين سبقونا تناولوا كل شيء، ونحن في هذا الزمن نقوم بتدوير هذه الأفكار، بغض النظر عن الاتفاق مع ما قيل أو الاختلاف معه، فإن ابتكار فكرة جديدة ليست بالأمر الهين. ومع هذا فإن التعامل مع الفكرة سواء كانت مبتكرة أو معادة، تستلزم طرحًا مغايرًا لتصل. لا يمكن لأحد أن يخبرك كيف تطرح فكرتك، لكنني أؤكد لك أن طرح فكرة بأسلوب معتاد وتقليدي ومكرر سيجعلك في الصف الأخير. وكما يحدث في عالم الأعمال، ستأكلك الشركات الكبرى.
2- تبنّى قضاياك، كن مؤمنًا
كل شيء يمكنك أن تقوم به من باب الواجب وتبدع فيه إلا القضايا الفكرية. الأمر بحاجة للإيمان. الترويج لمنتج تجاري أو سلعة، سينجح إذا روج لها ممثل بارع، يمكنه بتصنع المتعة في ملامحه إقناع الناس أنها مميزة. إلا القضايا الفكرية، لا ينفع معها التمثيل. التاريخ خلد المفكرين المؤمنين حقًا بقضاياهم. وهذه إحدى مشكلات زماننا الكبرى، أننا نتعلم كل شيء في المدارس والجامعات، لكننا لا نؤمن. الإيمان لن يعلمك إياه أحد.
3- لا تكن ملحاحًا، أنت لست إعلانًا تجاريًا
هل تسوقت يومًا ما، ووجدت نفسك تختار السلعة التي تراها كل يوم في الإعلانات؟ هذا أمر طبيعي. لأنك تنفذ بالضبط الحيلة الذهنية التي يتبعها الاقتصاديون. الدعايات تقوم بتثبيت السلعة في ذاكرتك القريبة عن طريق تكرارها في كل مكان. الأفكار ليست كذلك. لست بحاجة لأن تظهر في سنابك كل يوم، لست بحاجة للتغريد عن كل قضية، والمشاركة في كل هاشتاق، أنت لست إعلانًا تجاريًا! اعتمد على قوة المحتوى وليس كثرة الظهور قد يقال ولكن هناك مشاهير كثيري الظهور ومع ذلك نالوا المزيد من الشهرة. أقول: كما نالوا شهرتهم بسرعة، ستنساهم ذاكرة البشرية بسرعة. {فَأَمّا الزّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمّا مَا يَنفَعُ النّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ}.
سأكتفي بهذا القدر. سأترك لك مجالاً للتفكير بالتتمة.. الباب الآن مفتوح، عليك أن تواصل المسير فقط. أنت موهوب، ولديك ما يستحق أن تريه للعالم، أليس كذلك؟ انطلق إذًا. ولكن لا تحزن إن لم تصل، إذا لم تقدم محتوى مميزًا ثم اعتمدت في تسويقه بعبارات من قبيل: «يسعدني مرورك، يسعدني نشرك لمادتي، تسعدني قراءتك» لا أحد يهمه إسعادك بقدر ما يهمه أن تقدم له فكرة تنهض به وتصنع به تغييرًا.