د. خيرية السقاف
أمس الأحد اتجه الدارسون إلى قاعات الاختبار!..
وكم قاعة اختبار تحتمل أن تفرغ فيها الأذهان مكتنزاتها؟..
كم لها من نوافذ تخرج منها تلك المجنحة التي تعصى على التدوين؟..
كيف لهذه الحجرات محدودة الحيِّز، أن تستوعب كل الذي سيفضي به الجالسون على المقاعد، المحاصرون بالرقباء؟..
أي فكرة يمكن أن تخرج طواعية من ذهن مبدع يأبى التأطير،
والتقييد، والإجابة المقننة؟!
وكم من المستقبلين الذين حذو الكلمة بالكلمة، والمعادلة بالنتيجة؟!..
وكيف للرُّحل في دياجير الأحبار، النازلين بمراتع الأفكار،
الموغلين بأمواج التجديف أن توقفهم عصا الطريق،
وتسجنهم محطة النموذج الموحَّد؟!..
الإجابات النموذجية مقصلة،
والأسئلة الممنهجة متاهات،
وأقلام المصححين سنان،
وعلى السَّفود تحترق الانبعاثات النجومية في فضاءاتها!!..
كم من الإبداع انتهك على طاولات التصحيح؟!..
وكم من القيود ضُربت على آفاق الابتكار؟!..
وكم تأخرت مواهب، وتقدمت آلات؟!..
كم تفوق حافظٌ «عن ظهر غيب»، وفشل مبتكر في سُهد سَعْيٍ؟!
في النهاية،
الاختبار ليس شرطا للحياة!..
الحياة وحدها،
الاختبار المفتوح على كل مصراع!..
في البحر المفتوح داخل الرؤوس..
لا على الطاولات الصماء..
داخل الحجرات المغلقة..
بين أعين الرقباء!!..