عبدالعزيز السماري
تلتزم مختلف الدول الإسلامية بتطبيق نظام الإرث في الإسلام، الذي له قوانين وتوجيهات مذكورة في القرآن الكريم، والتي تحدد أصول تطبيق الميراث، فقد أعطى الإسلام الميراث اهتمامًا كبيرًا، وعمل على تحديد فروض الإرث والوراثة بشكل واضح، ويعتبر حالة خاصة عن بقية القوانين والشرائع، فقد قام على مقاربة تحقيق العدل في التوزيع، مع تقدير للعصبة والقوة في العائلة، ولكن حرّم حكر الإرث لشخص واحد، ومنعه عن بقية الورثة، كما يحدث في الغرب على سبيل المثال.
وبقدر ما احتوى من تفصيل دقيق لتوزيع الميراث بين الورثة، إلا أن الأسئلة لم تتوقف في مختلف العصور على مر التاريخ، وتستطيع من خلال بحث بسيط في محركات البحث الوصول إلى هذه الحقيقة، وقد كان أكثرها تكراراً: هل يرث الأحفاد من جدهم حصة أبيهم أو أمهم المتوفين قبل الجد، وقد أصبح تردد هذا السؤال ظاهرة تستوجب النظر، وقد حاول الفقهاء السابقين والمعاصرين إيجاد حلول لهذه المعضلة، التي يتضرر منها أبناء الابن أو البنت المتوفيين قبل الجد.
في أغلب الدول العربية تم تلافي حرمان أولاد الابن والبنت المحجوبين عن الميراث، حيث قال بعض العلماء بوجوب الوصية -حسب النص الصريح، لمن لم يكن لهم ميراث، وبناء عليه وضع في مصر القانون رقم 71 لسنة 1946م وعمل به من أول أغسطس من العام المذكور، وجاء فى المادة 76 منه: إذا لم يوص الميت لفرع ولده الذى مات فى حياته أو مات معه ولو حكما -بمثل ما كان يستحقه هذا الولد ميراثًا فى تركته لو كان حيا عند موته- وجبت للفرع فى التركة وصية بقدر هذا النصيب فى حدود الثلث، بشرط أن يكون غير وارث، وألا يكون الميت قد أعطاه بغير عوض عن طريق تصرف آخر قدر ما يجب له، وإن كان ما أعطاه أقل منه وجبت له وصية بقدر ما يكمله.
أخذت قوانين الأحوال الشخصية في أغلب الدول العربية بمبدأ الوصية الواجبة؛ وهو قول الظاهرية ومتأخري الأحناف الذين يوجبون الوصية للأقارب إن لم يكونوا من الورثة كما في حالة الحجب؛ استناداً إلى قوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمْ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ}؛ وقد رأى فريق من العلماء والفقهاء المحدثين أن أبناء المتوفى في حياة أبيه أحق الأقارب في هذه الوصية من ميراث جدهم أو جدتهم.
تستحق هذه المسألة النظر من فقهائنا الذين يأخذون برأي المنع التام، فقد يقع حرمان للأحفاد في حال وفاة والدهم أو والدتهم قبل الجد أو الجدة، و الحل يأتي من خلال دراسة المسألة فقهياً، وعدم حصر النظر فيها برأي واحد، فالاختلاف في الفقه أمر محمود، وقد أوجد بعض الفقهاء السابقين حلولاً مثل الوصية الواجبة، والتي يمكن تطبيقها أو تطويرها، وإعطاء القاضي حق التدخل في حالة وقوع الظلم على الأحفاد، فقد يكونون في عوز شديد، وإذا تم حرمانهم من ميراث الجد تتدهور أحوالهم بسبب المنع..، فهل سيتم التطرق لهذا الإشكال في قانون الأحوال الشخصية أو المدونة القضائية الجديدة .