مريم حُلل
التربية الإعلامية ليست مشروع دفاع يهدف إلى الحماية فحسب، بل هي مشروع تمكين أيضاً يهدف إلى إعداد أفراد المجتمع لفهم الثقافة الإعلامية التي تحيط بهم وحسن الانتقاء والاختيار منها وتعلم كيفية التعامل معها، والمشاركة فيها بصورة فعالة ومؤثرة، فلو تحدثنا عن مصادر المعرفة والتربية في العقود الماضية لوجدنا المدرسة هي المصدر الأساسي لها والمعلمين هم المزود والمغذي بتلك المعرفة، وتمثلت التربية ما بين المدرسة والأسرة كعامل أساسي والمسجد والحي داعم لهما، إلى أن ظهر الإعلام ليصبح منافساً لتلك المؤسسات التربوية، بل مسيطراً ليس على الأطفال بل على الوالدين أيضاً.
ليتصدر في سيطرته على العالم ما بين مسلٍ ومربٍ ومعلمٍ وموجهٍ وشاغلٍ لجميع الأوقات مما جعله يملك النصيب الأكبر في التنشئة الاجتماعية فالإنسان في عالم اليوم يعيش في بيئة مشبعة بالمواد الإعلامية سواء أكانت في شكل خبر أو فكاهة أو برنامج وثائقي التي تستطيع أن تعمل على إزالة قيمة من القيم وتثبيت أخرى محلها أو ترسيخ شيء قائم والتصدي لآخر قادم، فمن الحقائق الثابتة أن وسائل الإعلام تؤثر في الأفراد والمجتمعات بل إنها تؤثر في مجرى تطور البشر، وأن هناك علاقة سببية بين التعرض لوسائل الإعلام والسلوك البشري.
وبدون الوعي الإعلامي سينشأ كثير من أبنائنا وهم معصوبي الأعين في عالم تتجاذبه الصراعات والأهواء والمصالح ولا يرحم الضعفاء.
وعلينا معاشر المربين الاهتمام بالتربية الإعلامية من خلال ما يلي:
1 - العناية بالوعي الإعلامي، مما يؤكد التربية على التفكير النقدي التأملي. إذ إننا نعيش في بيئة مشبعة بالمواد الإعلامية، وينبغي لنا أن نعي أن وسائل الإعلام لا تقدم مجرد عرض بسيط للواقع الخارجي، بل هي تعرض تراكيب مصاغة بعناية تعبر عن طائفه من القرارات والمصالح المختلفة، والوعي الإعلامي يساعدنا على تفكيك عملية تصنيع المواد الإعلامية، وعلى فهم المنتجات الإعلامية، ومن ثم فهم كيفية استخدامها.
2 - العناية بالوعي الإعلامي جزء من تكوين المواطن المستنير، إذ يؤكد الخبراء أن الشباب، خاصة الذي لم يصب حظاً كافياً من التعليم إذا كان واعياً ببيئته وملماً بأحداث الساعة من خلال إطلاعه على الوسائل الإعلامية، وقادراً على استخدام أدوات الاتصال في التعبير عن ذاته، سيصبح مواطناً أفضل تكويناً وأكثر التزاماً.
3 - العناية بالوعي الإعلامي يشجع على المشاركة الفعالة في المجتمع، فالتربية الإعلامية تمكن الناس من تفسير المواد الإعلامية ومن تكوين آراء واعية عنها بوصفهم مستهلكين لها، وأن يصبحوا منتجين للمضامين الإعلامية، فالغاية التي تتوخاها التربية الإعلامية هي تطوير الملكات النقدية والإبداعية لدى الأبناء.