خالد بن حمد المالك
تثير وفاة المهندس عبدالله العبدالرحمن الطاسان عندي مخزونًا كبيرًا من الذكريات عن شركات الكهرباء، التي تم توحيدها في شركة واحدة، فقد كان الفقيد أحد المهندسين الأوائل في هندسة الكهرباء، وممن قضى سنوات عمره في خدمة هذا القطاع، وعمل وشاهد بنفسه التحولات الكبيرة في هذه الصناعة المعقدة.
* *
عمل مع وزيرين هما غازي القصيبي، وعبدالعزيز الزامل، ومع آخرين، وكيلاً للوزارة، ورئيساً لمجلس إدارة شركة الكهرباء.. ولم يكن يعمل كغيره بمصاحبة أضواء الإعلام، وإنما هو رفيق درب لأضواء وإنارة المدن والقرى والميادين والشوارع، حينما كانت تعاني من الظلام الدامس قبل أن تعم الكهرباء كل أنحاء البلاد.
* *
هكذا كان وضع الرجل الصامت، قليل الكلام، الزاهد في المظهر، الخبير في صناعة الكهرباء، فقد كان أحد السواعد في بناء المنظومة الكهربائية في البلاد، سواء بوزارة الكهرباء، أو بالمؤسسة العامة للكهرباء، أو بشركة الكهرباء بعد توحيد الشركات في شركة واحدة، لكنه لم يكن بطبيعته يضع نفسه في دائرة الإعلام.
* *
عرف عنه الإخلاص في عمله، والنزاهة في تجربته الوظيفية الطويلة، وكان طموحة إتقان عمله، وخدمة ما هو مناط به من مسؤوليات، دون أن يشعر بالملل، أو التشبع، أو أن يكون همه الأول تحسين وضعه الوظيفي، أو السعي إلى المنافسة مع غيره على ما يضعه في درجة وظيفية أعلى.
* *
هذا هو عبدالله الطاسان، أو شيء من عبدالله الطاسان، سيرة عطرة، بخلقه، وتواضعه، وتخصصه، وعمله، وإنجازاته، وإن كان كل هذا يخفيه عن الآخرين صمته، وهدوؤه، وانكبابه على عمله، وبعده عن الاستعراض المظهري، سواء في حياته، أو في موقعه كمسؤول في الدولة في قطاع مهم.
* *
أمس الأول فاجأني خبر وفاته، وإن كنت أعرف أنه على مدى سنوات مضت كان يعاني من مرض غيبه عن الناس، وأقعده في منزله، لكن الغياب الأبدي تأثيره يكون أكبر، وتقبل الإنسان له يكون صعبًا، لكن التسليم بالقضاء والقدر، والإيمان بما هو مكتوب، يهدئ من روع الإنسان ويخفف من مصابه.. ولكنها نهاية موجعة، وهكذا كنا مع وفاة الحبيب أبي منصور.
* *
أسأل الله أن يكون في خاتمة حياته رضى الله عنه، وأن يجعل مسكنه في آخرته جنات النعيم، وأن يلهم الأبناء، والزوجة، والإخوان، وأسرته، الصبر والسلوان.. فالفقيد غالٍ على الجميع، ووفاته كان لها وقع الصدمة.. ومع الحزن لا نقول: إلا {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.