محمد آل الشيخ
سقوط القذافي لم يكن ليتحقق لولا تدخل النيتو عسكريًّا في الثورة ضد القذافي، خلال عهد الرئيس الأمريكي الآفل باراك أوباما ووزيرة خارجيته السيدة كلينتون، ونتيجة لذلك استولى الاخونج والإرهابيون على الساحة السياسية في ليبيا، فقد كانوا القوة الوحيدة المنظمة فيها.
بعد ذلك التصرف غير المدروس جيدا من قبل النيتو تحولت ليبيا إلى مأوى وملاذ للإرهابيين، حتى جاء المشير خليفة حفتر، وبدأ يلم شتات الجيش الليبي الذي كان مبعثراً، واستعاد به سلطة الدولة، وواجه الأخونج والإرهابيين على مختلف فصائلهم. في البداية حرر المشير أول ما حرر الشرق الليبي، وسيطر على كامل مدنه، وفي مقدمة هذه المدن بنغازي، وعادت لهذا المدينة وبقية مدن الشرق الليبي الحياة المستقرة الآمنة والهدوء. بعد ذلك انطلقت كتائب الجيش إلى الجنوب، فقابله أهل الجنوب بالترحاب والأفراح والزغاريط، وتحرر الجنوب بأكمله، وهربت فلول الإرهابيين إلى طرابلس ومصراته، بعدها، توجه الجيش إلى طرابلس، ليجد مقاومة من ميليشيات الإرهابيين قوية وشرسة على اعتبار أن هذه آخر معاقلهم وملاذاتهم. تحصنت هذه الميليشات كما هي عادتهم بالمدنيين، وحاولوا أن يجعلوا منهم دروعا بشرية أمام الجيش، ليطيلوا أمد المقاومة. حاولت دويلة قطر أن تبذل من الجهود والأموال الكثير، كي تستصدر قرارًا من مجلس الأمن لإيقاف اجتياح الجيش الوطني الليبي مستعينة بالإنجليز ومعهم الإيطاليون لكنهم أخفقوا، واستمر تقدم الجيش إلى ساحة الشهداء في وسط المدينة، التي بسيطرته عليها، يكون عمليا قد اكتمل انتصاره، وضم العاصمة لبقية الأراضي المحررة.
وفي مساء يوم الجمعة قبل أمس، أعلن البيت الأبيض أن الرئيس الأمريكي ترامب أجرى اتصالا بالمشير حفتر يوم الاثنين، أي قبل ثلاثة أيام من الإعلان عنه،- وأبلغه -كما جاء في البيان- أنه (يشاركه في القضاء على الإرهاب في ليبيا)، وكأنه باتصاله هذا أراد أن يصحح خطأ أوباما ووزيرة خارجيته في إسقاط الرئيس القذافي في ليبيا، وتسليمها إلى المجهول والفراغ.
وقوف الولايات المتحدة إلى جانب المشير حفتر يعني في تقديري أن قضية الحسم تتجه بخطى حثيثة إلى نهاية سيطرة الإرهاب والإرهابيين على العاصمة الليبية، كما يعني -أيضًا- أن (العصملي) في تركيا، ومعه دويلة قطر المجهرية، وفلول الإخونج، قد تلقوا (صفعة) جديدة، تضاف إلى صفعاتهم التي تلقوها منذ اقتلاع تنظيم الإخونج من حكم مصر، كما أن دولة عربية خامسة في انتظار أن تنضم إلى الدول الأربع المقاطعة لهذه الدويلة التي اتخذت من الإرهاب وتغذية إيذاء الآخرين ديدنا لها، منذ أن أثارت بأموالها، وشراء الذمم، الثورات التي زعزعت الاستقرار في كل بلاد العرب.
والسؤال الذي يبحث عن إجابة بعد هزيمة الفصائل الإرهابية في ليبيا: هل سيثوب حكام قطر إلى رشدهم، ويقتنعوا بعد كل هذه الهزائم المنكرة أنهم كانوا يراهنون على المستحيل، وأن (شعارات) المتأسلمين والعروبيين، وفتح بلادهم لتكون ملاذًا لهم، لم تحقق لقطر وأهل قطر وسمعة قطر إلا هزائم سياسية وخسائر اقتصادية جمة، ما كانت لتكون لولا (حُمق) شيوخهم ومن يُنظّرون لشيوخهم، وها هم يعودون في نهاية المطاف بخفي حنين؟
وعلى أية حال فإن وقوف الولايات المتحدة في صف قائد الجيش الليبي يشير بمنتهى الوضوح إلى أن ليبيا جديدة مستقرة آمنة مطمئنة على وشك أن تكون حقيقة على أرض الواقع.
إلى اللقاء