د.ثريا العريض
سأفعل بعض الحماقات..
لا.. لا أكذِّب نيسان
هذا الصباح المطير
يخاتلني سرُّه جذوةً في بخور
يجاهر بالكون..
ينقله ومضةً من أثير
يخالسني لهفتي
ويعيد التباسات كل النهايات
كل البدايات
كل التواشيح
كل الصدى المتحجِّر في القوقعة
**
سأفعل بعض الحماقات..!
هذا الصباح الأثيريّ يمنحني كونَه
واشتياق التلاشي به
فألثم أضمامةً من زهور
وأفغم من وابل العطر
من غيمة النور
أفعم من سلسبيل السطور
أرسم شرنقةً تحتويني
أمزّقها
أتلمّس أجنحتي وأطير..
وأحسم خارطة الدرب للنحلة الضائعة
**
سأفعل بعض الحماقات..!
أعتق شلال شعري من ديدبان الحرير
وأجري على ساحلٍ من بهاء الطفولة
حافية قدماي
لأترك وشم خطاي
يوشوشه المدُّ..
يرتدُّ: «كانت هنا..!
وتجيء مع المطر الموسمي..!»
**
سآتي إذن
مثلما الريح تفرض
لا وجهة تستبدُ.. ولا
وجهة تتحدّد..
سأسمح للريح أن تتعابث والخصلات
وأن تلسع اللّون في وجنتي
وأن تتوثب باسمي
وأسماء رفقة حلمي
وحين يردده الأقحوان بلهفته
سأجرؤ أن أسمعه
**
سأفعل بعض الحماقات..!
أبحث في زرقة البحر عن نبضتي
ونقشٍ لأجنحتي
وأرسم اسمي على رمل نيسان
يغسله الزبد المتلألئ من ضحكة القلب
أنقش أسماء كل الطيور التي منحتني
مدى الزوبعة
**
سأفعل بعض الحماقات..!
أبعث أبراج بابل
غيبوبة من دخان
أشيّد أدراجها خطوةً خطوةً
وأعلو إلى شرفةٍ من حنين التبتّل
أعلنُها شرفتي
وأنثر أصداف أزمنتي على صمت بابل
أمنحها الدان والزعفران
بذور الذي سوف يأتي..
أعلن صوتي الصغير المكابد
يزخر بالحلم والعنفوان
وأرفع عن لغتي محنة الأقنعة