مها محمد الشريف
بعد خلع الرئيس السوداني عمر البشير تتوقف أهمية كبيرة على المجلس العسكري الذي تعهد بالتعاون الكامل مع المجتمع الدولي لضمان الاستقرار والسلام تعزيزًا لإرادة الشعب وعلى الطريقة التي سيتحقق بها جميع المطالب، إصلاح الخدمة المدنية، وهيكلة المؤسسات الأمنية والعسكرية، فالمؤسسات العادلة هي المؤسسات القوية التي تضمن استقلاليتها وقوميتها وعدالة توزيع الفرص فيها، وإعادة بناء وتطوير المنظومة الحقوقية والعدلية والانتقال من حكم العسكر إلى حكومة مدنية.
وليس بوسع المرء أن يتنبأ بمدى سرعة تجاوز كافة الظروف والصعاب وتحقيق الأمن والاستقرار للسودان الشقيق من حرية وسلام وعدالة، إلا أن هناك أمرًا مفاجئًا بإعفاء وزير الخارجية بالوكالة من منصبه لأنه عمل في الخفاء على الإعداد لزيارة وفد قطري للبلاد دون علم المجلس، من هنا، يمكننا القول إن المجلس تخلص من ولاء وفكر قد يفهم على أنه يمهد لتدخلات قطرية.
في حين تؤكد كل الدلائل بأن الجيش يتحرك بسرعة أكبر لتشكيل حكومة مدنية يتفق الشعب بكافة اطيافه عليها ويباركها، ويغلق أمام منافذ التدخلات الخارجية والقرارات الدولية. بينما حاول مسؤول في السودان إدخال قطر للمشهد السياسي السوداني، ولكن المجلس العسكري الحاكم رفض ذلك وهذا الفعل يذكرنا بما فعله ابن العلقمي من خيانة بلاده مع هولاكو ضد الدولة العباسية.
وكلما تسارعت الإجراءات في اتخاذ عدد من الملفات المهمة وتحقيق تقدم في عملية السلام مع الجماعات المسلحة، ومكافحة الفاسدين من رموز النظام السابق وتعزيز الثقة بين الجيش وبين الحركات الأخرى، تسارع تحصيل المطالب ونيلها وتجاوز العقبات والموانع والفوضى.
إن المؤشر الأساسي على استجابة مطالب الشعب السوداني هي بالدرجة الأولى استجابة القوات المسلحة السودانية لرغبة الشعب حيث جدد مجلس الوزراء السعودي «تأييد المملكة لما ارتآه الشعب السوداني حيال مستقبله، وما اتخذه المجلس العسكري الانتقالي من إجراءات تصب في مصلحة الشعب السوداني الشقيق، ودعمها للخطوات التي أعلنها المجلس في المحافظة على الأرواح والممتلكات».
في خلفية هذا المشهد، أدرك الداخل السوداني أن من يهتم لاستقراره وتحقيق أهدافه، ووعي لمن يزرع الفوضى ويزعزع أمنه واستقراره، لذلك تم طرد وزير خارجية قطر ورفضوا استقباله، ومن خلال ردود فعل دولية وإقليمية كان الترحيب السعودي الإماراتي مهمًا ومفصليًا ومحترمًا، لأنه لم يفرض شروطًا، قدم دعمًا يحتاجه المجلس العسكري الانتقالي بشدة، تأييد الرياض وأبو ظبي يعول عليه كثيرًا في فتح خطوط السودان مع كثير من القوى الدولية والإقليمية.
إن المحن والفظائع تحدد الأصدقاء فمنهم من يظهر ومنهم من يغيب، ولكن أهل السودان قالوا: «إن السعودية كالعهد بها في الوفاء بواجب الإخاء تجاه شعبنا وهي تتجاوز التأييد إلى دعم المجلس العسكري، الإمارات كذلك كانت في الموعد، لكنا نتطلع لإسهام الدولتين في تقديم السودان للمؤسسات الدولية والإسهام بفاعلية في الإنهاء العملي للعقوبات والعمل على رفع اسم السودان من لائحة الإرهاب وإزالة كافة القيود أمام تطبيع العلاقات مع المجتمع الدولي».
لقد سقط نظام البشير وترك البلاد في غمرة الأخطار والصراعات، بنوك خاوية بلا سيولة وأرواح تتعرض لويلات الحرمان والفقر ما أدى إلى أضرار كبيرة باقتصاد الدولة وتدهور الوضع السياسي والاجتماعي وعاشوا ثلاثة عقود في نضال من أجل الحياة. بينما أرصدته تقدر بـ9 مليارات دولار في بريطانيا ومثلها في بنوك ماليزيا سرق مقدرات الشعب وثروات البلاد.