فهد بن جليد
سعوديون يعيشون في الخارج بمجرَّد بلوغهم سن التقاعد، بعض هؤلاء يعتقدون أنَّ خيار العيش خارج البلاد في الغربة هو الخيار الأفضل والأمثل لظروفهم نتيجة غياب الرعاية والاهتمام بهم، ومع إحساس بعضهم بعدم توفر فرص وظيفية تستفيد من خبراتهم وتقدرها بالشكل الصحيح، منهم من يشعر بحالة من النكران والجحود من الأبناء والمجتمع، ومنهم من يعتقد أن دوره في الحياة انتهى وقد أدى المطلوب منه على أكمل وجه، وبقي أن يلتفت لنفسه ويلبي احتياجاته ورغباته الخاصة التي حرم منها طوال سني بنائه وعمله، هذه حالة تستحق الدراسة والتأمل لناحية عدد المتقاعدين المقيمين في الخارج، وظروفهم، واحتياجاتهم النفسية والإِنسانية، خصوصًا مع تزايد مغادرة المتقاعدين للمملكة بمجرد إنهاء ارتباطاتهم والتزاماتهم العملية والأسرية، وإسناد مهمة رعاية مصالح الأسرة للابن الأكبر، وهي أرقام وإن لم نلاحظها إلا أنَّها حالات تستحق التأمل والانتباه.
طالما أنَّ أدوار المتقاعدين محدّودة، والخدمات المقدمة لهم لا تتناسب مع ما يستحقونه، فلن نلومهم خصوصًا وأنَّ التخطيط قد فاتهم لناحية إشغال أوقاتهم، أو الاستفادة من خبراتهم، أو حتى تأمين حياة كريمة لهم وتقديرهم بالشكل اللائق، بوجود راتب تقاعدي مجزٍ، أو الحصول على أولويه في السكن، عدد من هؤلاء الذين التقيتهم خارج المملكة في (إندونيسيا، المغرب، مصر، الفلبين... وغيرها)، هم في الحقيقية قسمان، قسم يعتقد أنَّه أدَّى المطلوب منه تجاه أسرته، بتأمين المسكن والمأكل، وهو يحتاج للحظات راحة واستجمام واختار الحياة التي يريدها بعيدًا عن ضوضاء الأسرة والتزاماتها اليومية، وهناك فئة أخرى قابلتها هرَبت من واقعها المرّ، فهؤلاء لم يخطِطوا لهذه اللحظة بالشكل الصحيح وفاتهم القطار، فلم ينجحوا في تأمين سكن، أو عمل آخر يشغلون به أوقاتهم ويزيدون دخلهم، ليجدوا في الهروب إلى تلك البلدان الرخيصة الحل، بتقاسم الراتب التقاعدي مع أهليهم، بعض ظروف هؤلاء محزِّنة ولكن ماذا عسانا أن نقول أو نعلق؟!.
حياة المتقاعدين مليئة بالعبر التي يمكن أن يستفيد منها العامل والموظف ليخطط بشكل صحيح قبل الوصول لهذا المنعطف الإجباري في حياته، فهناك من نجح بالفعل بخلق فرصة له بعد التقاعد دون أن تتغير حياتهم والتزاماته وروتينه اليومي، وهناك من هبط عليه التقاعد فجأة دون تخطيط مسبق، مثلما يقع الحادث المروري أو يحل الموت، هؤلاء هم الأخطر حالاً والأكثر غرابة في ردَّة فعلهم، فاحذر أن تكون منهم ذات يوم دون أن تعلم!.
وعلى دروب الخير نلتقي.