حين تقولينَ (من أنت) ؟!
تنتظمُ الأرقامُ في مسبحةِ التَّلاشي ويَبقى الصِّفرُ طليقاً ممتطياً صهواتِ الخواطرِ فَتَنتَابُني قشعريرةٌ يستفيقُ لها نسبيَ العريقُ في مُعاقَرَةِ الجراحِ وأشعرُ أنَّ آخرَ أجدادي يستلُّني مِن يومي حسرةً إثر حسرةٍ صوبَ قَبرِهِ المهيبِ ليصفعنيَ عندهُ صفعةً مؤلمةً .. مؤلمة !
حين تقولينَ (من أنت ؟!) أشعرُ أنَّ الماضيَ لم يكن سوى غفوةٍ سَقَطَت سهواً مِن وَعثاءِ الرَّحيلِ الأبديِّ وأنَّ المستقبَلَ ليلةٌ مرابطةٌ على فوَّهةِ المحبرةِ تُقاسِمُ المدادَ نواحَه على القصيدةِ الآبقة!
حين تقولينَ (من أنت ؟!) أشعرُ أنَّ الفجيعةَ تحشرُ زَفرتي تحتَ جِلدي وأشعرُ أنَّك كلمةُ السِّرِّ التي تلهثُ خلفها ذاكرةُ السِّندبادِ فلا تجدها حتى وإنْ عاودَ الهذيانُ عَبَثَه بأغصانِ الصُّدفَةِ التي تكنِسُ ألفَ ميعاد!
حين تقولينَ (من أنت ؟!) أشعرُ أنَّ شَبابي يناولني آخرَ أقداحِ الضِّيافةِ وأنَّ المشيبَ يـبخلُ عليَّ بالبياضِ وبضعِ دقائقَ في شبرٍ مِن أفياءِ قداستِهِ وما بينَ الشَّبابِ والمشيبِ يَسحقني انهيَارُ المسافةِ على ذاتِها فأشعر أنَّني جثمان أحقرُ مِن أنْ يخطرَ على بالِ القبور!
** **
- فهد أبو حميد