عبد العزيز بن علي الدغيثر
(بصراحة) أقول إن النصر جاب الصعب وضيَّع السهل، ويعود ذلك إلى ضعف رؤية الجهاز الفني وقلة الخبرة والممارسة الإدارية للفريق، فكان من المفترض أن تختلف الإستراتيجية والمعطيات للفريق الأول بعد تجاوز الهلال في الجولة 25، ومنح مزيد من الراحة لبعض اللاعبين مثل مرابط الذي كان عائداً من بلاده، دون تمكّنه من المشاركة في «الفيفا» Day، ولعب أمام الهلال وعمل مجهوداً مضاعفاً، كذلك اللاعب جوليانو الذي يعتبر مهندس ومنظم خطوط الفريق، فالزج بهما في لقاء الرائد كلَّف الفريق إصابات واستنزاف جهد كان الفريق في غنىً عنه، وقد كلَّف ذلك خسارة لقاء الاتحاد الذي لم يكن نداً للفريق العالمي المتصدِّر في وقتها ولكن فيتوريا فتح الملعب لهم وجعل لاعبي الاتحاد يسرحون ويمرحون كيفما شاء لهم، وكأن به قد بنى تصوره على فريق الاتحاد الضعيف والمهدَّد بالهبوط، ولم يدرك فيتوريا ومَن معه أن وضع الفريق الاتحادي قد دخل مرحلة الخطر، ويعد الاتحاديون جميع مبارياتهم حياةً أو موتاً، وأولها مباراتهم مع النصر، ولكن جهل فيتوريا بمعطيات الفرق السعودية وغياب التوجيه والتنبيه ممن هم حوله إدارياً وفنياً أدى إلى خسارة النصر.
ومما زاد الأمر سوءًا في مجمل اللقاء، وخصوصاً على النصر، إسناد المباراة إلى حكم ليس من حكام النخبة، أسوة بلقاء الأهلي والهلال دورياً، ولو كان نفس الحكم لطرد لاعبين أو ثلاثة من الشوط الأول، إلا أن الحكم قد تسامح مع خشونة الاتحاديين ولم يطرد منهم أحداً، مما جعلهم يتمادون في انبراشاتهم المعهودة وإصابة أكثر من لاعب في ادّعاء أنه الحماس والحرص على كسب اللقاء، وهنا أضع أكثر من تساؤل: لماذا لجنة الحكام تختار حكماً أقل إمكانات من المباراة وحساسيتها ومكانة الفريقين في سلم الدوري؟ لم يقف ضعف حكم اللقاء عند هذا الحد، بل امتد إلى احتساب هدف الاتحاد الأول من حالة تسلّل والمصيبة عودته إلى تقنية VAR والتي أصبحت - مؤخراً- مضحكة ووسيلة للتسلية والإثارة واللعب بالمشاعر والأعصاب. وهذا لا يقلِّل من فوز الاتحاد المستحق حتى ولو كان هناك عوامل مساعدة لا يمكن السيطرة عليها، وإن كنت أرى أن مدرب الفريق النصراوي كان المساعد الأكبر على الخسارة وفقدان الصدارة بعدم إجادته قراءة الفريق المقابل جيداً، وإجهاده للاعبيه في لقاءات سابقة، وعدم التخطيط الجيد لمرحلة الحسم، ولا يمكن أن أستثني العمل الإداري الذي انشغل بالصدارة وردود الفعل بعد الفوز على المنافس الهلال ونسيان مباراة الاتحاد المهمة وعدم تأهيل اللاعبين بالطريقة السليمة، وكان هذا واضحاً على بعض اللاعبين من خلال اللقاء، ورغم أن الدوري من وجهة نظري طار، إلا أن كل شيء وارد في كرة القدم والجولات الثلاث المتبقية ستكشف من سيواصل ومن سيتراجع، رغم أن اللقب قد انحصر فقط بين الهلال والنصر وبفارق نقطتين للأزرق، والذي أقول له مبروك الدوري مقدماً.
نقاط للتأمل
- شخصياً أعتبر أن أكبر مقلب شربته الرياضة السعودية عامة ونادي النصر بخاصة هو صفقة اللاعب النيجيري أحمد موسى الذي يعتبر أكبر قيمة سوقية في الملاعب السعودية، وقد تكون العربية، فقد رافق انتقاله من الدوري الإنجليزي للدوري السعودية هالة إعلامية وشد وجذب لم يكن له مثيل، ومع الأسف يتضح أن اللاعب ما هو إلا مقلب تجرّعه النصر ومحبوه.
والسؤال المطروح هنا: هل الاختيار كان مبنياً على أداء اللاعب الفني في ناديه الإنجليزي ومنتخب بلاده في كأس العالم، أم الاعتماد على السماسرة ومديري الأعمال، والذين لا همَّ لهم إلا عمولتهم الضخمة من خلف صفقة تعتبر صفقة القرن الفاشلة؟ الله وحده أعلم.
- رغم أن الفرق نقطتان فقط بين المتصدر الهلال والوصيف النصر، إلا أنني باركت للهلال، ومتأكد مما أقول به عطفاً على قراءة لا يجيدها الكثير، ومعطيات لا يفهمها إلا القليل، سواء في الأمور الإدارية وخبرة الإدارات في التعامل مع النهائيات والختام الصعب لأي موسم، أو حتى فنياً والذي لو أخفق المدربون، هناك لاعبون تسعفهم خبرتهم وممارستهم في حسم الأمور، فهل فهمت عزيزي المتلقي لماذا أنا باركت للهلال بطولة الدوري، رغم أن هناك 9 نقاط ما زالت متاحة في الرصيد البنكي لكل فريق.
- يعتبر البعض أن وضع فريق الأهلي غامض، ويطلب اعتبار هذا الموسم المفلس للنسيان، وهذه تعتبر قراءة غير جيدة، فالأهلي فريق كبير وتاريخه عريق وصاحب بطولات كبيرة، ولكن الفكر الذي يقود الأهلي لا يتواكب مع المرحلة، فنادٍ ينسق لاعباً ثم يعيده بعد أقل من موسم ومن ثم يعيد لاعباً بعد أكثر من 10 سنوات، كان خارج الخارطة وكبيراً في السن، ومشاكله تتجاوز إنجازاته بمراحل، ومن ثم يتخبط في اختيار المدربين وأكبر كارثة اعتبرها في تاريخ النادي العريق التعاقد مع مدرب منتهي الصلاحية وبفكر قديم، وسبق أن لف في معظم دول الخليج وفي أكثر من نادٍ ومنتخب.
هذا الفكر والإدارة أعادا الأهلي إلى سنوات الضياع، وإذا ما استمرت هذه الإدارة، فأعتقد أن الفريق والنادي بصفة عامة سيعود عقوداً وليس سنين فقط، وهذا ما لا أتمناه مطلقاً.
- لن تنتهي منافسات دوري كأس الأمير محمد بن سلمان للمحترفين إلا في 11 رمضان -بإذن الله-، وهذا التأخير والدوري استمر أثناء بطولة كأس آسيا، وتم لعب جولتين، والسؤال: ماذا لو توقف الدوري نهائياً أثناء البطولة الآسيوية؟ يا ترى متى سينتهي الدوري بعد العيد؟ أم سنضطر للعب في العشر الأخيرة من رمضان والتي دائماً ما يتوقف كل شيء فيها لتمكَّن الجميع من أداء صلاة التراويح والتهجد؟!
هذا الموسم وبرمجته أتمنى أن يكونا في عالم النسيان، وأن يتم تلاشي كل السلبيات في الموسم المقبل، وتسير المنافسات جميعها في الأوقات المناسبة، والعمل على إنهاء الموسم قبل الشهر الكريم، وكل عام وأنتم بألف خير.
خاتمة
(بلادنا مستمرة في استضافة أكبر الفعاليات العالمية في مختلف المناسبات الرياضية، وآخرها استضافة رالي دكار العالمي 2020، ومع هذا نفشل في الحصول على مقعد في اتحاد كرة القدم القاري! الله المستعان.
وعلى الوعد والعهد معكم أحبتي عندما أتشرَّف بلقائكم كل يوم جمعة عبر جريدة الجميع «الجزيرة»، ولكم محبتي وعلى الخير دائماً نلتقي.