أ.د.عثمان بن صالح العامر
في اللقاء المفتوح لمعالي مدير جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الأستاذ الدكتور: أحمد بن سالم العامري مع أعضاء هيئة التدريس مطلع هذا الأسبوع وضع معاليه الكريم أصبعه على الجرح -كما يقال-، وشخص أحد الأمراض التي تدب في جنبات عدد من مؤسساتنا الأكاديمية للأسف الشديد، أكثر من ذلك وصف الدواء الناجع لهذا الداء القاتل الذي سرى في جسد هذه الجامعة ومن على شاكلتها ردحاً من الزمن -كما لا يخفى على كثير من المنتمين للمجتمع الأكاديمي- فأثر في عطائها، وجودة أدائها سلباً للأسف الشديد، ونص ما قال وفقه الله:
(... يجب ألا نعمل من تحت الطاولة، وإنما نضع كل شيء على الطاولة، ما رأيته وما لمسته في هذه الجامعة كثرة القيل والقال، والرسائل التي تأتي بدون أسماء، لماذا!؟ نحن في مؤسسة حكومية تعليمية ينبغي أن تكون لدينا الشجاعة لأن نحضر ونتحدث بشفافية وصراحة، لن نعاقب أحداً على إبداء وجهة نظره، بالعكس سنكون مرحبين جداً).
بصراحة المجتمع الأكاديمي بحاجة إلى مثل هذه الهزات من قبل القائد الواعي والمدير الواثق الجاد في التزام نهج الإصلاح الذي اختطته وبينت معالمه وحددت ضوابطه قيادتنا العازمة الحازمة، بحاجة إلى مثل هذا الشجاع الذي يكاشف الجميع بما في مؤسستهم الجامعية بكل صراحة ووضوح، يسمع كل الأصوات التي تأتي علانية، تنشد المصلحة الوطنية العامة، وتهدف إلى الرقي بأداء الجامعة أكاديمياً وبحثياً وخدمياً، يرحب بكل فكرة تطرح متى ما كانت ممنهجة ومصحوبة بالحجة والدليل المقنع ولها آلية يمكن من خلالها نقل هذه الفكرة من دائرة التنظير إلى التطبيق العملي الفعّال، يخلّص البيئة الجامعية من القيل والقال والرسائل المبطنة، والاتصالات الثنائية، وشخصنة القضايا التي تصل بمقترفها ومتعاطيها أحياناً إلى الظلم البواح. وما القيل والقال الذي ذكره معاليه صراحة إلا الوجه الظاهرالذي قد يخفي تحته داءً في النفوس لدى البعض -أقول البعض من الأكاديميين المرضى والعياذ بالله- وجزماً لمثل هذا السلوك دوره القوي في إيغار الصدور، وشق الصف، والتأثير سلباً على التعاون الفعال بين أعضاء هيئة التدريس في تنمية الوطن من خلال قاعات الدرس، والبحث العلمي الجاد، وخدمة المجتمع السعودي المتطلع إلى دور إيجابي لهذه المؤسسة الأكاديمية الهامة، فضلاً عن أن هذا الصنيع قد يفقد إدارة الجامعة الاستفادة الحقيقة من الطاقات والقدرات التي تعيش داخل أروقتها وفِي كلياتها وإدارتها ومراكز أبحاثها المختلفة جراء ما قيل ويقال في شخص هذا العضو أو ذاك، إذ إن معالي مديرها أياً كانت قدراته وملكاته ليس شمساً مشرقة ساطعة يرى الكل بكل وضوح وبصيرة.
أعتقد من هم خارج هذا المجتمع ولا يعرفون خفاياه ولم يقتربوا منه يوماً ما قد يتعجبون أشد العجب من هذا الكلام الذي لا يمكن تصور وجوده في مجتمع أعضاء هيئة التدريس الذين وكل لهم بناء العقول وتزكية النفوس وتربية الجيل، ولكن هي الحقيقة التي استطاع معاليه أن يصارح بها أعضاء هيئة التدريس في لقائه المفتوح بهم، وكأنه جاء ليدشن عهداً جديداً لهذه الجامعة العريقة بعيداً عن الوصاية والوشاية والتندر والتذمم من أجل كسب المواقف وافتعال الخصومات و...
لقد أرسى مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز منذ تسلم مقاليد الحكم دعائم الشفافية والمصارحة والوضوح إدارياً ومالياً ومن ثم المحاسبة والمجازات، وأكد سيدي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد الأمين على التزام القيادة الحكيمة العازمة الحازمة هذا النهج القويم في أكثر من مناسبة وعلى الكل بلا استثناء، وعلى هذا الأساس كان مشروع التحول الوطني 2020، ومن ذات المنطلق كانت رؤية المملكة 2030، ولذا فالواجب أن نتربى نحن الأكاديميين قبل غيرنا ونربي الجيل على هاتين السمتين (الصراحة والوضوح) من أجل مجتمع أفضل، وحتى يكون غدنا الوطني لا الشخصي فحسب أجمل، ودمت عزيزاً يا وطني وإلى لقاء والسلام.