فيصل خالد الخديدي
بدأ شاب بريطاني بوضع تقييمات مزيفة للمطاعم مقابل عشرة باوند يحصل عليها من المطعم لتصويته في موقع تريب أدفايزر (الأشهر عالميًا في تقييم الفنادق والمطاعم)، وهو ما أغراه للقيام بتجربة لإثبات زيف هذه التصنيفات وأنها مجرد انعكاس لواقع مزور، وبدأت التجربة الإعلامية للمدون البريطاني (أوبا بتلر) بفتح صفحة لمطعم لا وجود له على أرض الواقع اسماه (السقيفة في داليتش) وجعل منزله المستأجر مقرًا للمطعم الوهمي واستعان بأصدقائه لكتابة تقييمات ومراجعات مزيفة عن المطعم، وبصور احترافية للمكان وللطعام وعبارات منتقاه لوصفه بدأت تقييمات المطعم في الارتفاع، وخلال شهر كثرت عليه الاتصالات والحجوزات للمطعم التي كان يرد عليها بأن المطعم محجوز لأسابيع قادمة بل زاد الأمر عن ذلك بأن انهالت عليه الهدايا وعروض الشركات لتبني المطعم وهو مستمر في الصور والعروض لمأكولاته الوهمية ومطعمه المزيف وبعد ستة أشهر أصبح تصنيف المطعم رقم واحد على مستوى لندن متجاوزًا 18 ألف مطعم، وبعدها قرر أن ينهي الوضع وليخرج من الملاحقة القانونية ففتح فناء منزله الخلفي مطعم لليلة واحدة، باختيار أرقام منتقاه من المتابعين له، وبالفعل أحضر بعض أصدقائه بين نادل وعازف وكزبائن مزيفين، وأختار خمسة أشخاص من قائمة المتابعين ليقدم لهم وجبات محضرة سابقًا ومسخنة بالمايكروويف كلفة الوجبة منها لا تتجاوز الباوند وقام بتوثيق ردة فعلهم بعد أن أعد لهم استقبالاً مختلفًا ورصد انطباعات وثناءات أصدقائه وانبهارهم بمأكولات المطعم كزبائن مزيفين، وأثبت في تجربته هذه التي امتدت لثمانية أشهر، إمكانية خداع الناس ببناء صورة مزيفة عن أي مشروع أو مكان أو شخص من خلال الوسائط الإلكترونية والاحترافية في الايهام.
ولعل مثل هذه التجربة تكشف خطورة الزيف في أكثر من مفصل في الحياة الواقية فالتصور عن الأشياء لم يعد صورة لها بل إن الهالة الإعلامية والاعتماد على الانطباعات المزورة أصبحت محركًا لعدد من خيارات الواقع وحتى في الأوساط التشكيلية لم يسلم هذا الفن الراقي المعتمد على صدق ورقي المشاعر من مثل هذا الزيف والتوجيه فتجد فنانًا مدعيًا يتصدر الساحة كظاهرة صوتية دون أي منجز يذكر، وأخرى تدعي العالمية وهي لا تملك أبجديات الفن مثلها كمثل المطعم المزيف.