ماجدة السويِّح
المشروع الإصلاحي لتطوير القضاء بقيادة وزير العدل الدكتور وليد الصمعاني بدأت تتجلى ثماره في البدء بتوثيق الجلسات القضائية في المحكمة بدءًا بالمحكمة الجزائية بالرياض، واستكمال المشروع خلال العام الحالي.
التوثيق للمحاكمات وعلانية الجلسات تهدف لحفظ حق القاضي والمتقاضي، وتطوير الأداء عبر متابعة ومراقبة ما يدور في الجلسات، حيث يمكن للمجلس الأعلى للقضاء الاطلاع على التوثيق بحكم اختصاصه.
التحديث يقتضي المداومة على تبني التقنيات والبرامج التي تساعد في إدارة جلسات المحاكمة بالصوت والصورة، وإنتاج التقارير إلكترونيًّا لتوثيق الإجراءات القانونية، حفظا للوقت ولمجرى العدالة.
التحول الرقمي للتوثيق يوفر على الوزارة النفقات على الطرق التقليدية لتوثيق الجلسات والإجراءات، على سبيل المثال وفرت ولاية يوتا الأمريكية 1.3 مليون دولار سنويا عام 2009 بعد تفعيل إدارة الجلسات بالصوت والصورة والاستغناء عن المراسلين وكاتبي التقارير وفقًا لدراسة أجريت عام 2012 من قبل معهد العدل الحكومي.
التحول في التوثيق الصوتي والمرئي له إيجابياته في التوثيق والتثبت في تحويل المحاضر والضبوط إلكترونية ورقمية، وتجنب عدم الدقة في النقل والتوثيق، على سبيل المثال وجدت دراسة أمريكية أن مراسلي المحكمة المسؤولون عن تدوين سجلات المحاكمة لم يتمكنوا من تحويل التسجيلات الصوتية لنصوص مكتوبة بدقة للأمريكان الأفارقة، نظرا لعدم فهم اللهجة المنطوقة، فقد وجدت الدراسة أنه من المرجح أن يساء فهم الشهود الذين يتحدثون بلهجات محلية أو لغات أخرى، وبالتالي التأثير على نتيجة القضية، لذا تتضح أهمية الاعتماد على الصوت والصورة في التوثيق لتفادي اللبس وسوء الفهم.
المشروع الإصلاحي يسعى أن تكون المحاضر والضبوط إلكترونية ورقمية، عبر استخدام التقنية التي تتيح أيضًا النسخ الإلكتروني «إملاء النصوص» أثناء الجلسات إلى نصوص مكتوبة، لكن بعض الباحثين يحذر من الاعتماد على التقنية في التوثيق كليا دون إدارة بشرية، لأن التكنولوجيا ما تزال غير دقيقة في تحويل المحادثات المسموعة لنص مكتوب، خصوصًا فيما يتعلق باللهجات والأصوات غير الواضحة والمفهومة.
الذكاء الاصطناعي قادر على تأدية مهام محددة واستيعاب جمل مكررة، لكن يمكن تطوير تلك التقنية الخاصة بالصوت عبر إضافة الكلمات والعبارات المستخدمة كثيرا في قاعة المحكمة للأجهزة المساعدة وتدريبها واختبارها، وحتى هذه اللحظة تظل التسهيلات التقنية كعنصر مساعد وداعم للموظف الموكل بتوثيق الجلسة.
تأتي الجهود التي تبذلها وزارة العدل لتسهيل وتطوير النظام القضائي بتبني مبدأ الشفافية وحفظ الحقوق، في وقت حساس وهام مع تزايد الحملات الإعلامية الخارجية في التشكيك بالقضاء وإجراءاته.
كل تلك الجهود كفيلة بتحقيق العدالة، وإيصال رسالة هامة عن القضاء السعودي ونزاهته، وقدرته على التطور والتحديث لحفظ الحقوق، وتحقيق الشفافية بالصوت والصورة.