عبدالعزيز السماري
يخرج المرشد الإيراني في كل مناسبة، يتحدث عن مأساة فلسطين وعن شعبها العربي المظلوم بسبب الاحتلال الصهيوني للأراضي العربية، ويهاجم الدول العربية والغربية بسبب تجاهلهم لهذه القضية الإنسانية، وقد يتوقف المرء قليلاً عند بعض كلماته عن نصرة النظام الإيراني للشعب العربي المنكوب، ولكن سرعان ما تثبت الأحداث المتتالية زيف هذا الخطاب وأغراضه الدفينة، فالغرض لم يكن يوماً ما إسرائيل، لكنها تلك الأيدولوجية التي تعتقد أنها بكراهية العرب ستكون أقرب إلى الله..
فقد تعرضت المليشيات والقواعد الإيرانية في سوريا إلى ضربات متتالية من قبل العدو الصهيوني، ولم تحرك ساكناً ضد عدوها الأول كما تتحدث على المنابر، لكنها واصلت إجهاض الثورة العربية في سوريا، ومن ثم إعادتها إلى الحضن الفارسي، ومن يعرف المشهد العراقي، يدرك كيف تم إدخال العناصر الفارسية المستعربة، لتتحكم في البلد العربي الكبير من خلال النعرات الطائفية..
قضية مأساة احتلال دولة الأحواز العربية التي تجاوزت 91 عاماً، تمثل الدليل الأكثر وضوحاً على عدم مصداقية النظام الإيراني في مسألة نصرة فلسطين، فما يتعرض له الشعب العربي من تهجير وإعدامات لا يختلف على الإطلاق عما يحدث للعرب في فلسطين العربية، بل هو أشد مرارة، لأن كثيرا من العرب في الأحواز شيعة اثنى عشرية، ولم يشفع لهم حتى ذلك في أن ينالوا حقوقهم الإنسانية على أراضيهم.
السكان العرب في الأحواز العربية يتعرضون لأكبر عملية تهجير مخطط لها من قبل النظام الفئوي أو العنصري في طهران، فالفيضانات المصطنعة، والتي نتجت عن فتح السدود، تحاصر معظم مناطق إقليم الأهواز العربي جنوب غرب إيران، منذ أسابيع، حيث اجتاحت 9 بلدات ومدن وغمرت 234 قرية بالمياه بالكامل ما أدى إلى نزوح أكثر من 400 ألف من مناطقهم، وفقا للإحصائيات الرسمية.
وفي صورة مشابهة لما حدث في فلسطين رفض بعض المواطنين في مختلف مناطق الأحواز، ترك بيوتهم، ويقولون إن الحكومة المركزية لديها خطة مبيتة لإكمال مخطط التغيير الديمغرافي لاستبدال السكان العرب بمهاجرين موالين للنظام والحرس الثوري في الإقليم الذي يؤمن 80 % من صادرات إيران النفطية.
الحراك العربي الأحوازي يرفع الراية العربية عالياً، وهو إحياء يحمل أكثر من رسالة حضارية إلى شعوب العراق وسوريا ولبنان ودول الخليج العربي واليمن، فالهوية العربية أكبر من النعرات الطائفية والعرقية، وعليهم تجاوزها، والعمل خارج دوائرها، إذا هم أرادوا الاستقرار والعودة إلى مناعتهم التاريخية، ويحضوا باحترام الشعوب الأخرى، كما أن الهوية العربية لا تعني العرقية أو القبلية، ولكن تعني تلك الثقافة المشتركة، والتي كانت يوماً ما الوعاء العالمي لمختلف العلوم والمعارف..
يحاول بعض العرب تصديق مقولة إن النظام الإيراني يتدخل في شؤون الدول العربية لنصرة العرب الشيعة في الخليج واليمن ولبنان، ولكن ذلك ليس صحيحاً، فهم يستخدمونكم كحصان طروادة للانتقام من أمة العرب التي يكرهونها ويقتلونها إرضاءاً لله، واعلم أخي العربي الشيعي أن تعبدك لله من خلال المذهب الشيعي، لن تشفع لك نجاة مع الاحتلال الفارسي المؤدلج بالكراهية، ولو كانت كذلك، لأنصف الفرس المؤدلجون إخوانهم العرب في الأحواز، ولمنحوهم الاستقلال لدولتهم المحتلة، ولتوقفوا عن إغراقهم وتشريدهم وقتلهم، وهل يحتاج النهار إلى دليل..
علينا رفع الصوت عالياً، والتحرك على مختلف الأصعدة من أجل نصرة الشعوب العربية المنكوبة سواء كان في فلسطين أو الأحواز، فالعرب منذ سقوط قوتهم ووحدتهم أصبحوا يتعرضون لأكبر عملية تهجير عن أراضيهم، ويتجاوز ذلك الأحواز وفلسطين إلى سوريا واليمن بسبب تدخلات أعداء تاريخيين لهذه الأمة العظيمة..، فهل نستيقظ قبل فوات الأوان..