فهد بن جليد
ابتلينا ببند مصاريف جديد في المناسبات والاحتفالات والمعارض والمؤتمرات، بتخصيص مقابل مالي ليس بالقليل لإعلانات على (غير هدى) أبطالها مشاهير التواصل الاجتماعي، وهي إعلانات مرتفعة التكاليف، لا فعالية لها، ولا جدوى ولا منفعة منها، فهي لا تغني ولا تسمن من جوع، وهنا ألوم كل مسؤول ينجرف مع هذه الموضة خصوصاً لنوعية المشاهير الذين يتم الاستعانة بهم، ومحتوى وتاريخ حساباتهم ونشاطاتهم وأسباب شهرتهم التي ليست بالضرورة متوافقة مع نوع الرسالة التي ترغب الجهة بإيصالها، فالجمهور هنا مُختلف، وقد يكون الشخص غير مؤهل أصلاً ولا يملك الفهم والخبرة والإدراك واللغة اللازمة، ممَّا يُشوِّهه المُناسبة ويُقلِّل من الجهد والعمل المبذول بحضوره وتصديره كوجه مسوِّق لها.
ما سبق يجعلني أطالب بمُحاسبة كل مسؤول علاقات وإعلام يتعمد إهدار المال العام على إعلانات من هذا النوع بهدف تغطية حدث ما أو مناسبة أو معرض أو برنامج أو خدمة تقدمها الجهة التي يرأسها أو يعمل بها، خصوصاً عندما يتم تعمد إهدار هذا المال في كل مرة أو مناسبة، واستقطاعه من برامج ومخصصات هذه الجهة، فماذا يمكننا تسمية تخصيص 150 أو 200 ألف ريال في كل مناسبة لتوزيعها على مشاهير التواصل الاجتماعي الذين يحدد بعضهم تغطيات المناسبات والمعارض والمؤتمرات التي تنظمها المؤسسات والجهات الحكومية بأكثر من 80 ألف ريال لبضع سنابات وحضوره بهاتفه لساعة أو نحوها؟ برأيكم - إذا لم يكن هذا هدر للمال فليعرف لنا هؤلاء ماذا يكون؟.
لا فائدة تذكر سوى (ليلة تلميع) محدودة، ومقاطع ستحملها هواتف القريبين والمرافقين لرئيس الشركة أو الجهة الحكومية، وفي الصباح لن يذكر أحد شيئاً، فحساب المشهور ليس منصة موثوقة لها أثر فعَّال تستخدم أسس الإعلان وأساليبه المُتعارف عليها علمياً (كالوصول والتكرار والانتشار) لتحقيق الأهداف وفق خطط مُحدَّدة، فالعشوائية هنا سيدة الموقف ليعود صاحب الحساب ويُمارس طقوسه اليومية مع متابعيه وربما تحدث معهم عن محل (الفول) الذي يفطر فيه، وناقش معهم كيفية طبخ (المقلوبة) بإضافة بهارات أم فهد وأم صالح عليها، فالجمهور المُتابع لهذا النجم ليس بالضرورة أنَّه الجمهور المُستهدف في الأساس، فلا دراسات علمية تؤكد تأثير أشهر مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي في تحويل اتجاهات أو تغيير مفاهيم مُتابعيهم، لأنَّ مُتابعتهم ببساطة تتم بهدف وقالب مُحدد وصورة ذهنية مُسبقة إمَّا (للتسلية أو الضحك أو الطقطقة.. إلخ) وهو ما يجعل كل رسالة خارج هذا الإطار هي مجرد رسالة ضائعة وعشوائية، وكل ريال يدفع مقابلها تم هدره وإضاعته بامتياز.
غداً نكمل.
وعلى دروب الخير نلتقي.