الجزيرة _ كازان:
أكد معالي الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي الشيخ الدكتور محمد بن عبدالكريم العيسى أهمية التواصل الحضاري وعقد الحوارات اللازمة من خلاله وذلك لتفعيل دور المشتركات التي تجمع التنوع الديني والقومي، ولاسيما في دول التعدد.. مؤكداً أنه لا خيار للبشرية لتحقيق وئامها وسلامها إلا باستيعابها التام لحتمية الاختلاف والتنوع بينهم ومن ثم التفاهم والتعاون من خلال نقاط الالتقاء المشتركة التي نؤمن أن 10 % منها كافٍ لتحقيق سلام عالمنا داخل الدول وبينها.
ونوّه معاليه خلال محاضرته في جامعة كازان الحكومية بجمهورية تتارستان بحضور نخبة من أعضاء هيئة التدريس، وعدد من الأكاديميين المتخصصين في كلية الدراسات الشرقية وجمع كبير من الباحثين والطلاب، بتميز الجمهورية في الاندماج الديني والقومي في ظل وئام وانسجام شامل وعام تحت مظلة الدولة الوطنية روسيا الاتحادية مع ضمان حرية كل خصوصية في شعائرها وتقاليدها.
وأضاف متحدثاً عن رابطة العالم الإسلامي بأنها تعمل على محاور عدة من أبرزها إيضاح حقيقة الإسلام في مواجهة أفكار التطرف المحسوب زوراً على الإسلام والتطرف المقابل وخاصة مفاهيم اليمين المتطرف ولاسيما في بعض الدول الغربية، ومد جسور التواصل والحوار مع أتباع الأديان والثقافات والعمل معهم على تقديم مبادرات نوعية وفاعلة لخدمة الأهداف المشتركة ومد جسور الدعم الخيري للجميع دون تفريق لدين ولا عرق ولا لون.
وتابع د. العيسى: إن المسلم مع اعتزازه بانتمائه الديني إلا أنه يعلم أن ذلك لا يتعارض مع هويته الوطنية، بل إنه بهذا الانتماء المفعم بمحبة الخير للجميع سيكون عنصراً بارزاً في تحقيق الانسجام بين انتمائه الديني وهويته الوطنية، وأن الأفكار المتطرفة هي التي تختلف مع هذه المفاهيم السوية.. مؤكداً إيمانه أن الأرض كانت وستظل مسرحاً لتعدد الديانات والحضارات والقوميات.
بعد ذلك استعرض معاليه عدداً من الموضوعات ذات الطرح الجدلي حول صراع الحضارات، كاشفاً خطأ تشخيصها والذي قادها لتصورات ومواقف خاطئة وأحياناً متطرفة، وقال إن حكماء وأسوياء البشرية ضد مفاهيم الكراهية والصراع الحضاري واستعرض أدلتهم المنطقية لدحض نظرية حتمية الصدام وضرب أمثلة وعظية من التاريخ الإنساني في ذلك.
وختم محاضرته بأننا نُقدر عالياً إشادة الفعاليات الروسية الحكومية والأهلية بمنجزات الرابطة النوعية وتأثيرها العالمي وتأكيدهم بأن أهدافها واضحة وفاعلة بشكل كبير على أرض الواقع. بعد ذلك تم فتح المجال للحوار وطرح الأسئلة.
جدير ذكره، أن جامعة كازان تعتبر ثاني أكبر جامعة في روسيا، وإحدى أعرق الجامعات العالمية، إذ تأسست قبل نحو 215 سنة، في العام 1804 للميلاد، بأمر من القيصر الروسي وتلقى الجامعة اهتماماً حكومياً رفيعاً، ويعين مديرها من قبل الرئيس الروسي، ويتابع سير العمل فيها مباشرة.
ويعمل في الجامعة 11 ألف موظف، منهم 4 آلاف أكاديمي، وتخرج منها 7 من الحاصلين على جائزة نوبل العالمية، وتضم 47 ألف طالب يدرسون في 724 مبنى، ثلثهم من الدول الإسلامية، كما تحتضن 500 طالب دولي.
وتتميز الجامعة بمركز للدرسات الإسلامية، يسعى لنشر الثقافة الإسلامية، وتأهيل الأئمة وفق المنهج الإسلامي الوسطي، كما تحوي 13 ألف مخطوطة، منها 5 آلاف باللغة العربية.