فضل بن سعد البوعينين
توقفت كثيرًا عند برنامج «الإسكان التنموي» الذي تقوم عليه وزارة الإسكان لأهميته القصوى لشريحة عريضة من الأسر السعودية الغالية على نفوسنا، وهي الأسر الأشد حاجة، التي وجدت نفسها غير قادرة على توفير متطلبات برامج الإسكان المتنوعة لأسباب مرتبطة بالجدارة الائتمانية.
أحسب أن برنامج الإسكان التنموي أحد أهم برامج الإسكان على الإطلاق. لِمَ لا، وهو يتعامل مع شريحة مجتمعية غير قادرة على شراء المسكن، وربما استئجاره، لأسباب مالية صرفة؛ وهو ما يجعلها الأولى بالرعاية واهتمام الوزارة والحكومة بشكل عام.
ركزت رؤية 2030 على معالجة وضع ذوي الدخول المحدودة والمستفيدين من الضمان الاجتماعي والخدمات المجتمعية الأخرى. وأحسب أن مبادرة الإسكان التنموي جاءت لتحقق ذلك الهدف.
برنامج الإسكان التنموي نجح في توقيع اتفاقية بناء وحدات سكنية جديدة في 12 مدينة ومحافظة في 4 مناطق، وهي خطوة مهمة في الطريق الصحيح، غير أنها في حاجة إلى مسارعة الخطى لتغطية مناطق المملكة ومحافظاتها، وبخاصة المنطقة الشرقية التي تبدو أنها تتذيل مشاريع الإسكان عمومًا.
قد تكون وزارة الإسكان المعنية بتوفير المساكن للمستفيدين من المواطنين، غير أن الشراكة مع مؤسسات المجتمع المدني أمر مهم؛ طالما أنها ارتبطت بالأسر الأشد حاجة التي تنضوي تحت مظلة تلك المؤسسات. الأكيد أن المؤسسات الخيرية غير قادرة على تنفيذ مشاريع الإسكان بتكاليفها المالية الضخمة، ومتطلباتها الإنشائية، غير أنها قادرة على تحقيق هدفين رئيسين: الأول بناء جسر التواصل بين الوزارة والأسر الأشد حاجة وفق قاعدة بياناتها الموثوقة، والثاني تحفيز ذوي الملاءة المالية والمساهمات المجتمعية على تمويل مثل هذه المشاريع المهمة وفق رؤية الحكومة، وانضباطية التمويل، وسلامة مصارفه الخيرية.
توقيع اتفاقيات شراكة مع أكثر من 200 جمعية أهلية منتشرة في جميع محافظات المملكة سيسهم في تسريع عملية الاستفادة من البرنامج، والتأكد من أهلية الأسر، ومساعدتها باختيار المسكن الملائم، وتسليمه، وتوفير إدارة التشغيل.
وما أرجوه أن تتوسع دائرة الشراكات لتصل الجهات التمويلية من الشركات والمؤسسات وذوي الملاءة المالية، وبما يسهم في إنشاء صندوق مسؤولية مجتمعية، يتم تمويله من القطاع المصرفي والشركات الكبرى وأهل الخير، ويوجه لإنشاء مجمعات سكنية للمحتاجين في جميع مناطق المملكة.
لا خلاف على مسؤولية الحكومة عن توفير المسكن لمن لا يمتلك القدرة المالية على شرائه أو استئجاره، غير أن على القطاع الربحي مسؤولية مجتمعية، يجب أن تُفعَّل بطريقة نظامية، ووفق رؤية شمولية، تجعل من المساهمة المجتمعية حقًّا يكفله النظام.