أحمد المغلوث
اللائحة التي وافق عليها مقام مجلس الوزراء الموقر مؤخرًا حول المحافظة على الذوق العام تعتبر مطلبًا ملحًّا ومهمًّا، طالب به منذ عقود العشرات من الكتّاب والمحررين وحتى المواطنين العاديين.. بل تناول رساموا الكاريكاتير في صحفنا المحلية جوانب عديدة من التصرفات التي تخدش الذوق العام، وتشوه جماليات المكان في كل مكان من بلادنا، وعلى الأخص في المواقع الدينية والمرافق العامة ذات العلاقة بالمواطن والمقيم.
وبوصفي واحدًا من عشرات الذين شاركوا بالكتابة والرسم والتوجيه بصورة ساخرة لبعض المظاهر السلبية التي كنا نشاهدها في الماضي بصورة ممجوجة وغير مقبولة، كمشهد الذي يقذف بقايا مأكولاته وعلب مشروباته من سيارته بدون اهتمام أو تقدير للمكان أو حتى سلامة العابرين.. وكم تعرَّض زجاج سيارة لكسر أو خدش نتيجة لمقذوفة جاءت منطلقة من سيارة يقودها أحد الذين لا يهتمون بما يقومون به من تصرفات غير محمودة ومؤذية وضارة.. أو مثل ذلك الرجل الذي يقضي «حاجته» بلا مبالاة في مكان عام.. أو ذاك الذي يشتم الآخرين بألفاظ نابية وخادشة للحياء على مسمع ومرأى من الناس.. فلا شك أن هذه «اللائحة» التي تشكل خريطة إصلاح في مختلف المجالات وصلت بقوة للجميع؛ فهناك حزم وعزم في زمن «الرؤية المباركة»، وبلادنا تعيش زمن الانفتاح والتحول واستقبال عشرات الملايين من المعتمرين والحجاج والسياح والزوار.. وما يشكله وجودهم في المملكة من دعم كبير للاقتصاد الوطني والحركة التجارية، إضافة إلى الفعاليات والنشاطات السياحية والثقافية والترفيهية.. كل هذا وذاك يتطلب منا جميعًا مواطنين ومقيمين أن نقدم صورة جميلة ومشرقة عن هذه الأرض الطيبة والمعطاءة.
والآن، وقد تحقق ما كنا نتطلع إليه منذ زمن في هذا العهد الزاهر، علينا جميعًا أن نكون في المستوى المطلوب، وأن نسعى جميعًا إلى الأخذ بكل ما من شأنه أن يسهم في رفعة الوطن، وانتشار الذوق العام بصورة فاعلة وجلية.. وليبدأ الجميع بتحقيق ذلك من البيت والأسرة، ومن ثم مختلف مراحل التعليم والإدارات الحكومية؛ فجميعنا يجب أن نسهم في ذلك، وأكثر من ذلك.
إنَّ تدفُّق السياح في بعض الدول الأوروبية كان يقف خلفه ليس فقط ما تزخر به من آثار أو متاحف أو مجالات ترفيه متنوعة.. وإنما تمتعها بجماليات المكان، والاهتمام بالذوق العام.. ونظافة المرافق الخدمية، خاصة - أعزكم الله - «دورات المياه» والشقق المفروشة وغرف الفنادق والموتيلات.
اهتمامهم بذلك، واحترامهم السائح الذي جاء داعمًا لاقتصادهم، ولقضاء أوقات طيبة بين أحضان وطنهم.. ساعدا على نجاح السياحة في بعض هذه الدول.
والجميل أن «لائحة الذوق العام» لا تتضمن عقوبات سجن أو حجز، وإنما غرامات مالية.. وأتمنى لو يُخصص جزء من أموال هذه «المخالفات» لمنح جوائز تحفيزية لأفضل خدمات مرافق عامة وخدمية، كمحطات الوقود في مختلف الطرق الداخلية والدولية؛ فهي - للأسف - ما زال بعضها يشوِّه الذوق العام بصورة بشعة ومقززة.
واليوم لقد أصبح الجميع على علم ووعي بأهمية الذوق العام، والسلبيات التي تواجهها بلادنا في حال عدم الاهتمام به، والأخذ بجدية ما تضمنته من توجيهات وتعليمات.
إنَّ الظواهر السلبية التي شوَّهت الذوق العام سوف تختفي - بمشيئة الله - ثم بتطبيقها بحزم.. وعليكم السلام..!