د. عبدالحفيظ عبدالرحيم محبوب
استحواذ أرامكو على سابك رابع أكبر منتج للكيماويات في العالم يتماشى مع استراتيجية التكامل التي وضعتها رؤية المملكة 2030. وخطوة الاستحواذ كانت أحد أسباب تأجيل أرامكو طرح 5 في المائة من أسهمها للاكتتاب العام الأوليّ إلى عام 2021. تتمتع أرامكو بمخزون ضخم من المواد الهيدروكربونية، وتكلفة الإنتاج المنخفضة؛ لذلك حصلت شركة أرامكو على أعلى تصنيف من فيتش A+، (وحصلت الدولة على A1 بسبب أن الدولة تملك احتياطيًّا نقديًّا بقيمة 500 مليار دولار، يديرها المصرف المركزي)، وهو أعلى تصنيف على شركات النفط العالمية نفسها بعدما فتحت شركة أرامكو دفاتر حساباتها للمرة الأولى لوكالتَي فيتش وموديز الدوليتَين للتصنيف الائتماني تماشيًا مع رؤية المملكة 2030 ووعد ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بأهمية التشديد على الشفافية. وتعتمد الدولة في إيراداتها على إيرادات 70 في المائة من إيرادات شركة أرامكو المقدرة بنحو 260 مليار دولار، وباستحواذ أرامكو على 70 في المائة من أسهم شركة البتروكيماويات السعودية الضخمة (سابك) بقيمة 69.1 مليار دولار سيسهم ذلك في تنويع إيرادات الدولة بدلاً من اعتمادها على إيرادات النفط، وسيتم ضخها في صندوق الاستثمارات العامة السعودي في واحدة من أضخم الصفقات في صناعة البتروكيماويات العالمية. وستعطي العملية صندوق الاستثمارات العامة القدرة المالية على المضي قُدمًا في خططه لتوفير الوظائف، وتنويع موارد أكبر اقتصاد عربي بدلاً من الاعتماد على صادرات النفط.
استحواذ شركة أرامكو على 70 في المائة من أسهم سابك خطوة جريئة، وتعتبر خطوة عالمية ومحلية في الوقت ذاته، ويعطي الصندوق أيضًا قدرة أكبر على الاستثمار في مجالات حيوية، مثل الاستثمار في أوبر تكنولوجيز لتطبيقات حجز السيارات، وفي لوسيد موتورز وتسلا للسيارات الكهربائية، وهي مرحلة تبدو استعدادًا لصناعة السيارات في السعودية بعد الاستحواذ على التقنيات المتقدمة التي تدخل في صناعة السيارات. وكما يمتلك الصندوق جرأة في الاستحواذ كذلك لديه جرأة في التخارج من الاستثمارات غير الحيوية أو غير الاستراتيجية؛ فنجد أنه سُمح لأرامكو بالاستحواذ على أسهم سابك، وهي أسهم حيوية واستراتيجية، وكان الاستحواذ محليًّا لزيادة سلاسل القيمة المضافة، وتقوية القطاع الخاص الذي عاني من مرحلة التحول التي تمر بها المملكة للتحول من دولة ريعية إلى دولة إنتاجية من أجل خلق وظائف جديدة للشباب السعودي
. الطلب على أول سندات دولية من أرامكو السعودية لاستكمال استحواذها على أسهم سابك يُنظر إليه كمقياس لاهتمام المستثمرين المحتمل بالطرح العام الأولي المزمع للشركة، وخصوصًا بعدما تجاوز اكتتاب السندات أضعاف ما خططت له أرامكو من بيع أوراق دين بنحو عشرة مليارات دولار أو أكثر، وخصوصًا أن شركة أرامكو أكبر شركة نفطية في العالم توضع سنداتها على قدم المساواة مع كبريات شركات النفط العالمية المستقلة مثل إكسون موبيل وشل. وقبل أول إصدار سندات دولية لها حققت أرامكو أرباحًا أساسية، تقدر بـ 224 مليار دولار عام 2018م، أي ما يقرب من ثلاثة أضعاف أكبر شركة عالمية، هي أبل.
وبحسب الفرنسية أعلنت وكالة موديز أن أرامكو أعلنت صافي أرباح بقيمة 111.1 مليار دولار في عام 2018م، أي أعلى من الأرباح الصافية لأكبر خمس شركات نفط عالمية (وهي أكسون موبيل وشيفرون الأمريكيتان، وبريتش بيتروليوم البريطانية، وتوتال الفرنسية، ورويال داتش شيل البريطانية - الهولندية أعلنت معًا صافي أرباح بقيمة 80 مليار دولار). وحققت أرامكو 355.9 مليار دولار عائدات. وبحسب فيتش فإن أرامكو تقدر احتياطياتها المثبتة من النفط بـ 227 مليار برميل، واحتياطياتها من المواد الهيدروكربونية بـ 257 مليار برميل من المكافئ النفطي؛ وهو ما يكفي لأكثر من نصف قرن، وهي تمتلك أضخم حقل في العالم، هو حقل الغوار الذي يحوي 58 مليار برميل من المكافئ النفطي و48.3 مليار من احتياطيات السوائل، وهو مستوى عال ومريح للمستثمرين.