رمضان جريدي العنزي
** يا سمو أمير منطقة الرياض أخبرك في البدء بأنني مفتون بالرياض مكاناً، وتاريخاً، ومنزلة، وشأنا، ومعنى، وأني مندهش بها، ومصاب بسحر مكانها، وهي عندي مثل المياه حين تمشي نحو مصباتها وفق خرير عذب، وأنها عندي مثل قصيدة حسناء، فحضورها وغيابها من الأسرار العواصي، أحياناً تأتيني مثل سيل جارف، وأحياناً تنقطع عني مثل مطر حرون، وهي عندي مثل تحليقات طيور فوق ذؤابات الأشجار، ومثل ساقية متخفية بين الأعشاب والأشجار، وهي عندي مثل نثيث من رذاذ المطر الربيعي الخفيف، يهمي فوقنا فيبعث فينا الانتباه والصحو والدهشة، ومثل هالات الضوء دوائر من نور بهي، تحوم حوله طيور وفراشات لا شغل لها سوى الرفرفة والزقزقة وبعث الأنس والفرح، ومثل شجيرات الورد والزيزفون وكروم العنب والشجيرات التي أشبه بالعرائش والأكواخ تتوازع المكان الفسيح وقد حاذى بعضها بعضا في قبب خضر تحركها الأنسام فتعلو وتنخفض مثل أردية عبتها الرياح، وعنقي مشدود دائماً إلى هذه المدينة الساحرة، وعاطفتي معها، تسكن لبي، وودي متعلق بها.
** يا سمو أمير منطقة الرياض، أعترف لك بصراحة تامة بأن القلب يبكي، والعين تدمع، حين أرى مدخل مدينة الرياض الشرقي وكأنه مهمل ومنسي، وأنت الذي تعرف بأن مدخل أي مدينة هو عنوانها الرئيسي، والحكم عليها، فالمدخل ممتد لعشرات الكيلو مترات، ويخدم الأحياء الشرقية كلها، وبهذه الأحياء كثافة سكانية هائلة، وحركة مرور عالية، حقيقة جلية بأن هذا المدخل الرئيسي والطويل بائس ويفتقر لكل مقومات السلامة المرورية، والتنظيم والترتيب، فالشاحنات الكبيرة والتي بأعداد هائلة تمشي بعشوائية ودون رادع وعلى مدار الساعة.
** إننا بحاجة إليك يا سمو الأمير، لهذا أكتب إلى سموكم، بعد أن أعيانا الطلب من الآخرين والكتابة إليهم أعواماً طويلة، لكي توقف هذه المناظر البائسة، والمدخل الهرم، والحوادث المميتة، إنني أكتب إليك من أجل أن أبدد القلق، لأن الجفاف قد وصل الحلق، والرجفة أصابت الركبة والأصبع، والخطوة نحو الآخرين أصبحت رخوة وباهتة، والروح أصبحت ذائبة مثل أصابع الشمع.
** إنني أريد منك يا سمو الأمير وأنت القادر على ذلك، أن ترسم لنا خريطة مكانية تعيد لمدخل الرياض الشرقي زهوه وحسنه وهيبته ورونقه، وأن توقف كل المناظر التي تخدش وجه المدخل، والذي يفترض أن يكون بهياً وجميلاً، فأنا متعلق بهذه المدينة، وأدور حولها مثلما يدور الفراش حول الضوء، لهذا أريد أن توجه يا سمو الأمير في إنجاز المهمة، وأن نهيئ الرياض لأن تكون ساحرة ومتميزة وفريدة فوق سحرها وتميزها وتفردها، لأنها الأرث والجغرافيا والتاريخ والمرتكز، فنحن كمواطنين شركاء كلنا في خدمة هذه المدينة، في إيصال ما نراه، ونسمعه، ونشاهده، ونعيه، ونفكر فيه، لهذا وبناء على ذلك، أكتب إلى سموكم خطابي هذا كي أشاركك حملك وهمك وحلمك وتطلعك، وأصارحك بأن حزناً داخلياً يفطر القلب، وأسى يوجع، وعيناً تدمع، كلما مررت بهذا الطريق الذي يشبه الأفعى السوداء الكبيرة والعتيقة.
** إن هذا المدخل الشرقي لمدينة الرياض، الممتد من أكاديمية الأمير نايف وحتى نقطة الالتقاء مع طريق الدمام السريع، فيه من العشوائية الشيء الكثير والكبير، والذي يصيب المار بالانكسار الحاد، والهزيمة المرة.
** ساحرة هي الرياض بيوتها ونوافذها اللامعة، وحدائقها التي كل يوم تزداد وتكبر وتتوسع، لكن مدخلها الشرقي، وحركة الشاحنات والمرور فيه أساء إليها كثيراً، وخبش حسنها، وطمس ألوانها الزاهية بالسواد، لكن سأعيش القلق حتى أطمئن بأن خطابي هذا قد وصل إلى سموكم، عندها سيفر مني القلق كما يفر العصفور من خيطه.
** يا سمو أمير منطقة الرياض، لست دبوراً يحوم قرب فتحة الوكر، لكنه واقع ملموس لا يجب أن يكون في مدينة عريقة، وبوابة للعالم، وددت أن أرفعه إليك، لأنك القادر على إعادة بناءه وتجميله وهندسته وفق أحدث الأساليب الهندسية الحديثة، وبالطريقة السريعة التي تراها.
** إن يقيني فيك كبير يا سمو الأمير، لأن سلالك ملأى بالخير والعطاء، وسواقيك عامرة بالماء، ولأنني أعلم تماماً بحول الله تعالى بأنك ستضيء المدخل والرصيف والمكان، ستبني الجسر، وستحفر النفق، وستضع الإشارة والعلامة، حتى يمشون الناس فيه بأنس واطمئنان وانسيابية ومسرة وفرح.