محمد سليمان العنقري
قبل عدة أسابيع كشفت وزارة التجارة والاستثمار في خبر نشر في وسائل الإعلام أن حجم التستر التجاري قد يصل إلى 400 مليار ريال؛ ومع البدء بإستراتيجية جديدة لمكافحة التستر التجاري فقد بلغ عدد قضايا التستر التي أحيلت للنيابة العامة في الربع الأول من هذا العام 438 قضية بنسبة زيادة عن الربع المماثل من العام الماضي بنحو 47 في المائة، مما يدل على زيادة حملات التفتيش على المنشآت وكذلك تطور طرق الكشف عن أساليب التستر والتضييق عليه.
قد يكون القضاء على هذه الظاهرة المتمثلة في التستر التجاري امرًا مستحيلاً، إِذ لا يوجد أي دولة في العالم استطاعت القضاء عليها والتي تندرج تحت اقتصاد الظل عمومًا ولكن لا بد من تحجيمها فأضرارها بالغة وحجمها كبير يصل لقرابة 14 في المائة من الناتج الإجمالي المحلي، ويلعب التستر التجاري دورًا كبيرًا في زيادة معدلات البطالة إِذ تنحصر الأعمال في الوافدين بالنشاطات التي ترتفع بها نسب التستر كقطاع المقاولات والتجزئة، إضافة إلى سيطرة العمالة الوافدة على أغلب الأعمال مما يمثل خطرًا على تشغيل الاقتصاد، إِذ يفترض أن يلعب المواطنون في أي دولة الدور الأكبر في إدارة الأنشطة التجارية والتشغيلية وامتلاكها.
إضافة إلى أن التستر مؤثر كبير في ارتفاع حجم الحوالات للخارج، حيث تحتل المملكة المرتبة الثانية عالميًا في الحوالات للخارج من العمالة الوافدة ويبلغ متوسط حجم الحوالات للسنوات الخمس الماضية ما يفوق 140 مليار ريال سنويًا أي ما نسبته 5 في المائة تقريبًا من الناتج المحلي وهي نسبة مرتفعة فأمريكا التي تحتل المرتبة الأولى عالميًا تصل حوالات العمالة الأجنبية إلى 0.3 في المائة من إجمالي ناتجها القومي مما يعني أن حجم الحوالات للوافدين من المملكة كبير جدًا مما يعني أن للتستر الدور الأبرز في ارتفاع الحوالات عبر النظام المصرفي، إِذ أن هناك أموالاً تخرج أيضًا بطرق أخرى قد تكون غير نظامية وليست معلومة وهذا أمر متوقع مع الحجم الكبير للتستر التجاري.
الثقب الأسود الذي تمثله هذه الظاهرة يعد عبئًا كبيرًا على الاقتصاد الوطني ولا بد من التضييق عليه ورفع الوعي بخطورته واشراك المواطن بفي مكافحته عبر طرق عديدة من أهمها توطين الأعمال ورفع مساهمة القوى العاملة الوطنية في إدارة الأنشطة الاقتصادية مع الدور التنظيمي والرقابي الذي يتم العمل من خلاله على مكافحة ظاهرة التستر لحماية الاقتصاد الوطني.