د. حسن بن فهد الهويمل
تَواصُلُ النقادِ المحدثين مع مستجدات المناهج النقدية الحديثة أتاح للإبداع التراثي العودة بلباس جديد، مكَّنه من دخول اللزز مع الإبداعات الحديثة.
لا أستطيع الإغماض على مماحكات يتوسل بها المخفون، من باب التشبع، ولباس الزور.
كما لا أستطيع القبول بفيوض التنظير الزائد عن الحد المطلوب.
علم اللغة الحديث كسائر العلوم النفسية والاجتماعية، أمد مناهج النقد الحديث برفد قوي، مكَّنه من تغيير مناهجه، وآلياته.
لقد حاولت قراءة (السينية) للبحتري على ضوء مناهج النقد الحديث (التفكيكية) فتبدت لي صور، وأخيلة، ومعانٍ، لم تكن حاضرة بالنقد القديم.
تراثنا الإبداعي بأصالته قابل لأي مناهج حديثة. فقط يحتاج إلى نقاد قادرين على استعمال محدثات المناهج اللغوية المعاصرة.
النقاد (المغاربة) ربما يكونون الأقدر على التلبس بالمناهج الحديثة؛ لأنهم درسوها بلغتها، وعلى منشئيها.
ما نرفضه، ونسخر به تلقي تلك المناهج بوصفها بديلاً لمناهج النقد العربي القديم.
بل هناك مقترفات مستهجنة كمن ينال من مناهج النقد العربي، ويقلل من شأنها.
ما نوده استبعاد المفاضلة، والمقارنة، وإتاحة الفرصة للتفاعل، والتكامل؛ فالمشاهد تتسع للجميع.
في الجانب الآخر تراثيون يرفضون المستجد النقدي، ويرون في مناهجنا القديمة ما يغني عما سواه.
وفي هذا حرمان لحضارتنا من التلاقح الحضاري.
ودعك من مجازفين كـ(نصر أبوزيد) و(أركون) ممن يقترفون خطيئة مقاربة (النص القرآني) بمناهج تفكيكية، يحرفون بها كلام الله.
مشاهدنا بأمسّ الحاجة إلى التلقي الندي الواعي للمستجدات كافة، والتفاعل معها بوعي تام، واقتدار متميز، وندية محقة.
أقسام الأدب والنقد في جامعاتنا هي خير من يدير معترك الأقران.
وبدون تجاوز المقتدرين أروقة الجامعات سنظل في (حيص بيص).