ما بين يوم وشهر وتغريد طير على الشجر..
وما بين تقلب أيامنا ما بين حرث و بذر..
ليشرق ذاك اليوم الذي نجني به الثمر..
كم تعبنا؟! كم سهرنا؟! كم سكبنا جهداًَ وعملاً متواصلاً حتى نصل..
نبحر بسفينة العمر ما بين بحور العناية والرعاية نجذّف رغم الألم ففي ذاك اليم قد تألق الأمل.
تضرب سفينتنا أمواجاً عاتية من المحبطات
وتتقاذفها أعاصير اليأس حيناً وكثير من المعوقات
نوجه أشرعتنا التي بحبال الصبر والعزم والهمة تتهادى وتقاوم كل مزدجر..
ويتلألأ الهدف كنجم بارق في أفق السماء يمسح عن قلوبنا الخوف ويصعَّدُ في السماء ذاك الخيال الذي كلما زاد عليه الزجر تعالى هو بالعزم والهمم..
فتغدو الريح طوع ركبنا وتتهادى بنا إلى ذاك اليوم الذي بسحر هالته قد أطل..
تتفتح محارات أعيننا بعد أن يمسح الحبيب والقريب والبعيد عن الجبين ذاك السقم.. فنرى زرعنا قد أنتش واخضرّ وكبر.. وها هي براعمه العذراء قد بانت من خدرها وتمايلت وبدأت تزهر.. تشوحها شمس الربيع وتصبغ وجنتيها بخضاب الورد الأحمر..
فتصبح ثمارها يانعة غضة تنتظر شمس الصيف حتى يفيض منها السّكّر، فتتعقد حلاوة الأيام حتى تصبح كالعسل بشهده وأكثر.. وترنو الأعين بسلام فها هو يوم الفرح الأكبر.. ها هو ثوب التخرّج قد دثر ثمار عمري.. وأكاليل الورد والغار بالفخر والعزة قد طوّقت أعانقهم.
فرح كالشلال تدفق عندما قلدوا بتاج التميز رؤوسهم.. وعيوناً وينابيع تفجرت بأنهار الحمد على أوسمة مراتب الشرف إذ تهادت على صدورهم..
وها أنت وأنا وكل من حولنا يرقب بشغف لحظة التكريم.. فتقرع القلوب طبولها.. كفراش هام ما بين الحقول.. ليرتشف عطر الزهور.. ما بين البنفسج والمنثور.. وتشرئبُّ العيون للسماء كعصافير الصباح تحلقت في جوقة موسيقية لتنسج من لحظات الفجر أحلى سيمفونية.. وها هي الأقدام تعد الخطوات وترقب ثوانيها.. هي دقائق ولكنها أصبحت عقودا وقرون..
وتدنو اللحظة.. ليصدح عالياً في الأثير صوت ذاك الاسم الذي لطالما نادونا به ولم نشعر بجماله بقوته بعبقه بفخره وعزته بنجاحه وهيبته.. يتبعه صوت اسم الأب الذي لطالما ما شجع وحفز وجاهد وكان لحلمه في المنتظر..
يرفقه اسم الجد الذي بحبه ورفقه وحنينه قد غمر.. ثم نسبه الذي زاد رصيده بالشرف والفخر.
وهناك بين الغمام توالت للسماء نفحات ودعوات وجهود مباركات لمن كانت خلفنا وأمامنا تشد بأيدينا وتسند أكتافنا وتحفزنا وتصقل خبرتنا.. وتدعم نتاجنا.. ولا ترتضي منا إلا أن نكون على الكون الأفضل..
ها هنا يختفي اسمها ولكن بكل ما فينا نهدي مراتب النجاح لمحارات أعينها التي لطالما ما كانت لراحتنا تسهر.. ونكفكف دمع عينها الذي بالفرح والشكر قد أسبل...
فهنيئاً لمن حصد في يوم التكريم نتاج زرعه وتوشح بدثار العلم وظل في بحور العلم يبحر يجاهد ويزيد منه ويكبر..
** **
- ندى عدنان الحافظ