هالة الناصر
إن لائحة المحافظة على «الذوق العام» التي وافق عليها مجلس الوزراء مؤخراً، جاءت في توقيت مهم وظرف يشهد تطوراً متسارع لمختلف جوانب الحياة في المملكة، لذا كان من الواجب علينا أن نتحرك ونحافظ على سمعتنا وسماتنا وعاداتنا بوضع لائحة واضحة تحكم وتضبط السلوك الفردي والجماعي في الأماكن العامة، ومسألة ضوابط السلوك تلك ليست بدعة نخرج بها عن السياق، بل هي أمر متعارف عليه في كثير من بلدان العالم المتحضّر، فمن اعتاد السفر إلى الخارج وزيارة الأماكن السياحية يعرف أن لكل بلد ضوابط تحكم سلوك أفراده في الشوارع والحافلات والأماكن العامة، وهناك دائماً خطوط حمراء لا يمكن تجاوزها ويكون العقاب في انتظار مرتكبيها دائماً.
أما في المملكة، فلم يكن الأمر بهذه الصرامة في التعامل مع سلوك الأفراد، وذلك راجع إلى أن عاداتنا وتقاليدنا كانت دائماً هي المظلة التي تحكم السلوك العام لنا، سواء في الأماكن العامة أو حتى الخاصة، كانت ثقافتنا الإسلامية وأخلاقنا العربية تحكمان تصرفاتنا وتوجهان بوصلة أفعالنا، ويمكن أن نقول إن ضمائرنا كانت تضبط أفعالنا بالسليقة.
ولكن مؤخراً، وبعد حالة الانفتاح الكبير التي تشهدها المملكة على الآخر، وفتح أبوابها لتشجيع أشكال السياحة المختلفة، كان لزاماً علينا أن نضع لائحة واضحة للجميع، لنا قبل غيرنا، تفصل بين المسموح والممنوع، للحفاظ على تقاليدنا الراسخة والصورة الذهنية السوية للمجتمع السعودي.
وأرى في هذه اللائحة رسالة واضحة لشبابنا الذي قد تبهره أفكار وأشكال الحياة لزائري وسياح المملكة، بأن المملكة لم ولن تتخلَّى عن هويتها، ولا يعني فتح أبوابنا أمام الجميع في ترحاب وحب، أننا نندمج مع الآخر ونذوب فيه وننسى جذورنا وأصالتنا.
كما أن الآخر الذي جاء للتعرّف علينا، لم يكن يتمتع بحرية مطلقة دون حدود في بلاده حتى نظن أنه يحظى بما لا نحظى به، فكل حرية لها حدود، فمهما بلغت درجة الانفتاح في البلدان الأوروبية، ستجدهم يحجمون من المبالغة في ارتداء الأزياء الكاشفة في شوارعهم مثلاً، فما يرتدونه على الشواطئ لا يسمح لهم بارتدائه في وسائل النقل، إذن فالجميع متفق على ضرورة الضبط، ولكن كل يضع ضوابطه بحسب خلفياته الثقافية وتقاليده التي حكمت تاريخه لسنوات.