سلمان بن محمد العُمري
اطلعت على مقطع مصور لمشروع زراعي وصناعي قام بإنشائه أحد رجال الأعمال في القصيم، وتحديداً في محافظة عنيزة، مكوناته الرئيسة من النخيل ثمراً وجريداً، وسيقوم هذا المصنع بتحويل منتوجات التمور إلى عدة صناعات ذات قيمة مضافة ولا تقتصر على التمر فقط ووفق أحدث الإنتاج المتقن، وبجودة متميزة، ومواصفات عالية صحياً وغذائياً.. فمثلاً سيتم إنتاج السكر من التمور بأنواعه البودرة والسائل، كما سيتم إنتاج الدبس ومعجون التمر، وحتى الكحول الطبي، كما سيتم الاستفادة من مخلفات التمور في المكونات الغذائية «أعلاف» للحيوانات، وأما سعف النخيل وجريده فسيتم كبسه واستخدامه كألواح خشبية إلى جانب تصنيع الفحم الصناعي.
هذا المصنع المتميز والحديث والذي ما زال في طور الإعداد هو ما كنا بحاجة إليه كمستهلكين أولاً وكبلد زراعة التمور فيه كميات كبيرة، ولم يتم الاستفادة منها وتسويقها بالطرق المناسبة عالمياً؛ بل إن تمورنا للأسف تذهب للبلدان الأخرى ويعاد تصنيعها آلياً بحلويات وآيسكريم وغيرها من الصناعات الغذائية، ومع جودة المنتجات التي تحرص عليها إدارة المصنع وسلامتها الغذائية بوجود مختبرات داخل المصنع فقد حرصت على أن يظهر المنتج بشكل جذاب وليس في صفائح «تنك» أو عبوات بلاستيكية بسيطة، حيث سيكون التعليب الفاخر في عبوات زجاجية وبلاستيكية متميزة.
لقد افتقدت الأسواق العالمية والإسلامية والعربية تمورنا وغزت التمور الرديئة الأسواق، بل وحتى البلدان التي ليس لها تاريخ في زراعة النخيل بدأت الآن تغزو الأسواق ومنها ما يصدر من «فلسطين المحتلة»؛ حيث يقوم المحتلون حالياً باستزراع أجزاء كبيرة من صحراء فلسطين وغرس التمور، ونحن نعاني من ضعف التسويق الدولي على الرغم من كفاءة منتجنا وجودته، والقيمة الغذائية العامة للتمور.
الذي أعرفه أن هناك جمعيات خاصة بالنخيل وجمعيات خاصة للتجار الذين يعملون في مجال زراعة وتسويق النخيل، وهناك أسواق موسمية في أكثر من منطقة، وقد آن الأوان لأن تحول البحوث والدراسات الزراعية والتسويقية إلى واقع عملي لاسيما وأنها أكدت الجدوى الاقتصادية التي يمكن أن تعود على المزارعين والمستثمرين بالنفع العظيم، وتحقق لنا الريادة الزراعية والتجارية، ولا سيما أننا نملك ولله الحمد كافة المقومات من جودة التمور ووفرتها، وتوافر رأس المال الذي يمكن أن يستثمر في هذا المجال وغيره.
إن من المشاهد المألوفة عند مغادرة الأجانب لبلادنا سواء في إجازاتهم أو عند خروجهم النهائي حرصهم على أن يحصلوا على هدايا من التمور، وهذا الأمر لا يقف عند المسلمين فقط، بل حتى مع غيرهم ويشمل كافة العاملين من خدم وسائقين وحتى الأطباء والمهندسين.. فقد جذبهم التمر بمذاقه الجيد وحلاوته، وما عرفوا فيه من قيمة غذائية متكاملة قل أن تتوافر في منتج زراعي آخر.. ولو استفدنا من التقنية الحديثة في التسويق لاستطعنا أن نصل بتمورنا عبر مواقع البيع الإلكترونية إلى كافة أنحاء العالم.
ويؤكد القبول ما نسمعه من أبنائنا الطلاب الذين درسوا في الخارج أو ممن عمل هناك أو تواصل مع الخارج في رحلات عمل وسياحة بأن الأجانب يعجبون بتمورنا ويسألون عنها وعن نقاط البيع القريبة منهم، والحمد لله أصبح تخزين وتعليب التمور وتغليفها لدينا يتم بطرق صحية وجيدة للغاية، كما أنها حصلت على شهادات خارجية تتيح دخولها الأسواق الأوروبية.
هذا المصنع هو الخطوة الأولى ونريد أن نرى أمثاله في كل منطقة من مناطق المملكة، وأن نرى تمورنا تسوق في جميع بلدان العالم، فالتمر مع أنه منتج غذائي فله ارتباط وثيق بالمسلمين وخاصة شهر الصيام ويتحقق منه تطبيق السنة النبوية مما يجعل منه سلعة مضمونة التسويق.