أ.د.عثمان بن صالح العامر
عنوان (المعرض والمؤتمر الدولي للتعليم العالي) والذي يشرف برعاية كريمة من لدن مقام سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز ويحتضنه هذه الأيام مركز الرياض الدولي للمعارض والمؤتمرات، (تحول الجامعات السعودية في عصر التغيير) ويرتكز هذا العنوان على مقدمتين (متغيرين) ونتيجة - حسب فلسفة المناطقة - لكل منها استقلاله التام.
الأولى: الجامعات السعودية.
الثانية: عصر التغيير.
والمقدمتان الأولى والثانية تولّدان المطالبة بـ(التحول) من أجل أن تتوافق مخرجات هذه المؤسسات الوطنية المهمة مع طبيعة ومتطلبات العصر العالمي الجديد الذي نعت هنا بـ(التغيير)، وهذه هي النتيجة، ولأهميتها كانت هي في صدر العنوان.
وحتى يكون الحديث هنا له بعده العلمي بعيداً عن الشعارات المؤقتة التي تنتهي مع انتهاء الحدث أرى أن من سك هذا العنوان عد وجوب تحول الجامعات السعودية مسلَّمة تفرضها طبيعة العصر الذي نحن فيه، وكأن الجامعات السعودية على وجه العموم تعيش في عصر ليس هو العصر الذي نحن فيه!
لقد كانت وما زالت الجامعات العالمية في نظري ممثلة بالأسرة الأكاديمية من منظِّرين وباحثين ومثقفين وكتَّاب وأساتذة، بل حتى طلاب هم من يصنع التغيير المجتمعي فضلاً عن الجامعي المبني على أسس علمية مدروسة في ظل دراية كاملة بطبيعة العصر ومتطلبات التحول الوطني الذي ينشد تحقيق أهداف إستراتيجية مرسومة من قبل صانع القرار، ولذلك فإن الحديث عن (تحول) داخل هذه المؤسسات الأكاديمية يحتاج أولاً إلى إدراك المنتمين لهذه الجامعات أنهم يتحمّلون قبل غيرهم مسؤولية الوعي الطلابي والمجتمعي بطبيعة المرحلة التي نحياها، واختلاف الدور والعبء الذي يقوم به عضو هيئة التدريس اليوم عمّا كان عليه الحال بالأمس، ويعون جيداً أنهم هم من في أعناقهم تربية الجيل لغد متغيِّر يستشرفون فيه التحولات العالمية ويفقهون المتغيِّرات والمعطيات الجديدة بعقلية القرن الحادي والعشرين الذي تحول فيه الكل إلى وجود رقمي يعيش الواحد منا في عالمه الافتراضي المفتوح ربما أكثر من الأيام والساعات التي يقضيها في دنيا الواقع، وهذا يعني أنهم من يجب أن يعيدوا تأهيل أنفسهم ليكونوا قادرين على القيام بهذه المهمة، فالوصول للمعلومة التي يجتهدون في تلقينها للطلاب أصبحت اليوم في متناول الكل حتى ولو لم يكن هذا الإنسان طالباً جامعياً، ولذا فنحن في زمن التحليل العلمي والإقناع العقلي المبني على السبر والحجة والبرهان من خلال الحوار البناء الذي يكون فيه طرفا العملية التعليمية على قدم المساواة مع بقاء التقدير والإجلال والاحترام حقاً محفوظاً لعضو هيئة التدريس الذي هو بدوره عليه أن يقابل هذا السلوك بمثله وهو المأمول والمنتظر منه.
إن إدراك السياسي والاقتصادي السعودي لهذا التغيير المتسارع والرهيب الذي نحن في عصره أكثر من الأكاديمي والاجتماعي ولذا جاء هذا المعرض والمؤتمر ليقول نحن في زمن لا يرحم ومخرجاتنا إن لم تكن متميزة ومؤهلة معرفياً ومهارياً وذات صبغة عالمية مرنة فستكون عبئاً على الوطن لا سمح الله، ويبقى السؤال معلّقاً بعد هذا المعرض والمؤتمر الدولي: ماذا سيحدث في قاعات المحاضرات وأجندة المؤتمرات وأدبيات المجلات وجلسات اللقاءات وورش العمل وحلقات النقاش التي تحتضنها جامعاتنا السعودية؟ هل ستكون هذه المؤسسات الوطنية المهمة والمؤثِّرة في صناعة الجيل مشاركاً حقيقياً في بلورة رؤية المملكة 2030 واقعاً سعودياً نحياه؟ أتمنى ذلك، دمتم بخير وإلى لقاء والسلام.