عثمان بن حمد أباالخيل
في الآونة الأخيرة كثر تناقل عناوين كثيرة في وسائل التواصل الاجتماعي عن حياة الإنسان بعد سن الستين، معظمها عناوين ومحتوى محبط، ويدل على ثقافة مجتمع بعيدًا عن الواقعية. حياة الإنسان ذكر وأنثي لا تقاس بالمرحلة العمرية بل بالعقل والقلب. العقل مَناط التكليف، وبه يتحصَّلُ الرُّقِيُّ والتشريف ومعرفة الصالح من الطالح والعقل المتزن الخالي من الأمراض هو المحرك لجمال حياة الإنسان، أما القلب فهي الأداة التي بها نحسّ ونشعر، فهي التي من خلالها نستشعر إنسانيتنا ونحسّها، القلب هو مصدر الحياة وبغض النظر عن أين يعقل العقل، فهو يسيّر حياتنا ويمنحها الدف، وبهذا العقل ميّز الله الإنسان عن غيره من الكائنات. فالعقل والقلب لا يلتقيان فكل في فلك إلا في حالات نادرة.
الإنسان لا يقاس بعمرة، فالعمر ما هو إلا رقم، هذا واقع طبي ونفسي وديني، طبيًا هناك من يصل عمره فوق المائة لكن عقله وقلبه في حالة سليمة، ومن الطبيعي أن تظهر عليه تجاعيد الزمن وهذه سنة الحياة وواقع المرحلة العمرية. التمتع بجمال الحياة لا يرتبط بالعمر بل يرتبط بجمال الروح. سن الستين ليس المتهم الأول وليس مُتهمًا على الإطلاق لحالة الاكتئاب والملل التي يشعر بها الإنسان، إنها ثقافة مجتمع وتربية وشعور بالعزلة. قناعتي الشخصية أن الرجل والمرأة يستطيعان أن يجعلا رحلة حياتهما رحلة ممتعة وجميلة وعدم الالتفاف للخلف، فالحياة الجميلة نحن من نوجدها بالقناعة والرضا، فهما من كمال الإيمان وحسن الإسلام، ودعا إليها سيد الأنام حيث قال صلى الله عليه وسلم: «اللهم قنعني بما رزقتني، وبارك لي فيه، واخلف على كل غائبة لي بخير»، رواه الحاكم.
الحياة الجميلة تبدأ بعد سن الستين، العلماء والمختصون يقدمون من خلال الدراسة بشرى سارة لكل من تقدم عمره، مؤكدين أن أكثر الناس سعادة هم من تتراوح أعمارهم بين 60 و80 عامًا، السعادة بينهم وبين أنفسهم والسعادة بمن يحيطون بهم، المهم أنْ يشعروا بالتغيرات الفسيولوجية إنها تغيرات طبيعية على جميع البشر، وكم من إنسان في مرحلة الشباب ظهرت عليه تجاعيد الزمن لأسباب كثيرة. الأهم ألا يسمح الإنسان هذا التغيير للتأثير السلبي على التفكير والمعيشة والعلاقات مع الآخرين ويعيش حياته كما يحب وليس كما يحب الآخرون، ولا ندفن أنفسنا وكما يقال.... قطرة بعد قطرة ينخر الماء الصخر.
وفي الختام رسالة للمتشائمين الحياة أجمل بعد سن الستين وما عليكم إلا أن تفتحوا قلوبكم وعقولكم للحياة، وانظروا للحياة من منظار السعادة وليس من منظار مغلف بالاكتئاب، وكونوا إيجابيين مع أنفسكم واكتبوا وتواصلوا مع الآخرين وازرعوا في قلوبهم وعقولهم أن الحياة جميلة بعد سن الستين.