فيصل خالد الخديدي
يمتد طريق الفنان الطامح الصادق مع فنه في رحلة الإبداع إلى ما لا نهاية، ويتخلل هذا الطريق بعض المحطات والاستراحات، وتواجهه العديد من العقبات والمتاهات, وتتباين همة الفنانين في مواصلة المسير وتجاوز العقبات ومدة المكوث في المحطات. وكلما زادت إرادة الفنان وشغفه بقضيته وفنه زاد إصراره على مواصلة المسير، وتجاوز العقبات، وعدم المكوث طويلاً في المحطات, حتى المؤسسات الثقافية والفنية لا تستطيع مواصلة الطريق مع كل فنان حتى نهايته، وإنما يأتي دورها مرحليًّا، يتوقف عند محطات، ويبقى العبء الأكبر على الفنان ليكمل المسير، ويتجاوز كل ما يعيقه في طريقه.
وتتنوع العوائق التي تحاول قطع الطريق على الفنان، سواء قصدية أو عفوية، بين عوائق داخلية وأخرى خارجية، ولكنها تتفق في أنها قاطعة لطريق المبدع، ومثبطة لعزيمته في الاستمرار. ولعل من أسوأ أنواع المثبطات والعوائق الداخلية للفنان التسويف والتراخي في مواصلة المسير، والكسل عن الإنجاز، والركون إلى أول محطة يحقق فيها ذاته، ويمكث يتغنى بهذا النجاح الموقوت, كلاعب كرة القدم الذي أبدع في بطولة مدرسته أو حيه، ولم يطور نفسه، ولم يرفع همته ليكون ضمن فريق رسمي لمدينته أو منتخب بلاده، أو يجعل همه الوصول ليكون ضمن صفوف المنتخبات العالمية. فإبداع بعض الفنانين لم يتجاوز محطته المدرسية الأولى، ولم يسعَ إلى أن يستمر في المسير؛ ليكون له وجوده في محطات أكثر فاعلية في طريق الإبداع.
ولعل من أسوأ أشكال قُطّاع الطرق أمام الفنان وإبداعه أولئك الذين يأتون من خارج خارطة الإبداع التشكيلي، وينصبون أنفسهم أوصياء على الساحة, ومن تحت جُبة النقد يرمون حجارة الكلام في طريق كل عمل جاد معطلين ومحبطين كل محاولة أو حراك للعمل التشكيلي، سواء التنظيري أو الإنتاجي، بحجة النقد وحرية الرأي.. متناسين أن النقد إضاءة في طريق المبدع، وإشارات ترشد إلى المسير، وليس عقبات تعطل، وعوائق تقطع الطريق, أو تهجمًا على شخص المبدع، وتعطيلاً لكل عمل إلا من خلال منظورهم الضيق للأشياء المبني على المصالح الشخصية، أو محاولة الوجود المشوه على طريق الفن ولو كانوا على هيئة مطبات، يتجاوزها المبدع، وتُعطل الهش المحبط.