خالد الربيعان
الظاهرة السائدة الآن في السينما هي «الأبطال الخارقون»، السوبرهيرو، بدايةً بالسوبرمان وأشقائه باتمان وآيرون مان والبقية تأتي ! هذه القصص على تفاهتها كما يبدو لك - لأنها خيالية - أقول لك أن السيد/ كابتن أميركا والرجل الأخضر وسوبرمان وإخوته واقعيون أكثر منا جميعاً !
الأفلام الأعلى دخلاً في تاريخ السينما هي أفلام هؤلاء «الخياليون» ! .. حققت رغم حداثة صناعتها وعرضها المركز الأول في الإيرادات حول العالم: جهز نفسك لقراءة هذا الرقم .. 18,263,221,776 ! .. 18 مليار دولار .. والفكرة من نجاحها هي شغف المشاهد والمتفرج بأفكار ومشاعر تدور حول: «الكمال» و»القوة».. «الامتياز».. «التفوق».. «التفرد»..
نفس الأفكار والمشاعر وجدها الملاحظون لجمهور كرة القدم، وسر إعجابهم الشديد وتقديرهم العارم لنجومها «الخارقين»!، ليس من الطبيعي أو المعتاد في الحياة أن ترى رجلاً يركض ويلتحم بدنياً ويقود مجموعة من الرجال ببسالة: بكتف مخلوع يربطه من الذراع برباط ضاغط!.. بيكنباور كابتن الماكينات الألمانية فعلها.. في مباراة سميت مباراة القرن في مونديال 70 أمام إيطاليا.. تلك المباراة التي شهدت 5 أهداف في الوقت الإضافي!
ماذا عن الظواهر الخارقة في عالم كرة القدم، المميزات الفوق بشرية، ماذا عن ميسي ذلك الفتى البرغوث المصاب بمرض نقص هرمون النمو، والآن لا يزيد طوله عن 67 بوصة (هناك شاشات تلفاز بهذا الحجم!) ولكنه كما تعلم: من كوكب آخر ..تماماً !
رونالدو «الظاهرة» كما يطلق عليه: البرازيلي الذي تعرض لإصابة قاتلة لنجوم كرة القدم مثل قطع الرباط الصليبي ليس مرة بل مرتين، وبإرادة عجيبة يؤهل نفسه مرة أخرى لممارسة كرة القدم ويقدم آداء مبهرا بعد الإصابة الأولى بمونديال كوريا واليابان ليفوز منتخبه بالبطولة وهو بالهداف !
هؤلاء الخارقون كروياً - أيضاً - هم أعلى النجوم دخلاً في عالم كرة القدم، وأكثرهم قيمة مالية، لأنهم يسدون هذا الإشباع عند متابع كرة القدم، الناس تعشق ميسي ورونالدو ونيمار وزلاتان وبوجبا.. الذين هم في نفس الوقت أنجح الوجوه التسويقية وأهم نجوم الإعلان في عالم الاستثمار الرياضي.. والفارق بين السينمائيين هنا والرياضيين.. أن أبطال السينما من خيال وحيل جرافيكية !.. بينما ظواهر كرة القدم هنا من لحم ودم.. يسافر ورائهم الملايين ليحضروا مبارياتهم، يتابعون أخبارهم بشغف، يحققون الثقة فوراً عند عميل أي شركة تجارية بمجرد رؤية إعلاناً فيه سلعتها يستخدمها هذا النجم أو ذاك أو ذلك!
لأجل هذا تدفع فيهم الأندية التي هي شركات بالمقام الأول في العصر الحديث: هذه المبالغ الخرافية، أهم 87 لاعبا الآن، قيمتهم تساوي 7 مليار دولار، قائمة الظواهر في تاريخ كرة القدم كبيرة، هناك جينارو جاتوزو الذي أكمل مباراة ميلان وكاتانيا في موسم 2008 رغم إصابته بقطع في الرباط الصليبي أيضاً، ماذا عن زلاتان وما يفعله بهذا السن من أداء مدهش على الأراضي الأمريكية وهو بسن 37 عاماً!، جيمي فاردي السجين السابق عامل مصانع الفحم الذي تفجرت موهبته بسن الثلاثين وحقق معجزة حصول ليستر سيتي على لقب البريمرليج ومعها 129 مليون باوند لخزينة النادي! وأيضاً فيرجيل فان دايك الذي كان يعمل غاسلاً للصحون وبلغ من اليأس أنه كتب وصيته بعد مرضه في سن 17 عاما!، ثم يصبح أغلى مدافع في تاريخ كرة القدم عند انتقاله لليفربول.. برقم بلغ 95 مليون دولار!
كُتُب !
كرة القدم تتشابه مع السينما والمسرح والتلفاز، صنفها الخبراء بنفس التصنيف «show Business»، فحقوق بث الخمس دوريات الكبرى حول العالم (خارج بلدانها الأصلية) تبلغ 4 مليارات يورو (زاوية البث فقط).. صناعة كرة القدم متعددة المجالات، السياحة والاستضافة والحضور الجماهيري والبث التلفزي والإعلان والإعلام والتحليل ووكالة اللاعبين والاستثمار التجاري والتسويق... بل والأدب أيضاً وكتب كرة القدم ناجحة بشدة، العديد منها لنجومها أنفسهم كالسير أليكس فيرجسون واللاعبين كجيمي فاردي وبيرلو وبيكهام... وزلاتان.. الذي باع 500 ألف نسخة من سيرته الذاتية في أول 6 شهور من طرحها! في «ظاهرة» أخرى.. هي تفوق لاعب رياضي في مجال غير مجاله وهو الأدب.. على كثير من الأدباء ونتاجهم الأدبي.. كماً وكيفاً!