فضل بن سعد البوعينين
أحسب أن الانفتاح على الإعلام وكتاب الرأي من أهم مؤشرات التحول الوطني، والثقة ببرامج التطوير وما تحقق على أرض الواقع. لم يكن الالتقاء الإعلامي بمعالي وزير العدل أمرا متاحا من قبل فكيف بجلوسه ضمن كوكبة من كتاب الرأي في ديوانية الجمعية السعودية لكتاب الرأي (رأي)؛ لمناقشة كل ماله علاقة بالمؤسسة العدلية، ومرفق القضاء على وجه الخصوص. أحدث الدكتور وليد الصمعاني تحولا مهما في علاقة الوزارة بالإعلام بشكل عام، وكتاب الرأي بصفة خاصة، ونجح في تحويل رؤية الكتاب وتعديل أحكامهم المسبقة عن المؤسسة العدلية، من خلال حواره المفتوح والشفاف، وأسلوبه الحضاري وغير التقليدي، ومعلوماته الغزيرة التي كانت حاضرة بدقة في كل موضوع يتم طرحه من قبل الكتاب.
إقناع الكتاب المتذمرون دوما ليس بالأمر السهل غير أن ما كشف عنه معالي الدكتور الصمعاني من برامج تطويرية متنوعة تم تنفيذها خلال الفترة الماضية يبعث على التفاؤل والفخر في آن. ويؤكد على أن برامج التحول الوطني ورؤية 2030 باتت واقعا معاشا، وقاعدة تسهم في رفع كفاءة الخدمات المقدمة وضمان العدالة وتحقيق المواءمة النسبية بين المتطلبات الشرعية التي يقوم عليها القضاء في المملكة والإجراءات والمعايير الدولية التي لا يمكن إغفالها في عصر العولمة والانفتاح الاقتصادي والشراكات الاستثمارية الكبرى المحركة للاقتصاد.
قد تكون الأتمتة والبوابة الإلكترونية من أهم عمليات التطوير المنفذة في كتابات العدل، ومرفق القضاء، غير أن التوسع في استخدامها في المرافعات والقضايا المنظورة والأحكام المدونة أمر لافت. حيث التركيز على مرجعية الأحكام وبطريقة علمية وتقنية تضمن الدقة والعمل المؤسسي المحكوم بمعايير وأنظمة وإجراءات محددة تخفض من تأثير المتغير البشري الذي تعزى له اختلاف الأحكام في القضايا المتشابهة. قد تدعم الأتمتة العمل المؤسسي الذي يهدف إلى تحقيقه معالي وزير العدل، بحيث تعتمد مخرجات مرفق القضاء على المؤسسة لا القاضي شخصيا؛ لمعالجة بعض المشكلات ومنها مشكلة تعليق نظر القضية في حال غياب القاضي.
لم يكن معالي الدكتور وليد الصمعاني منغمسا في الملفات القضائية فحسب، بل كان ينظر للمؤسسة العدلية من جميع أركانها الرئيسة، لإيمانه بأهمية التكامل في عمليات التطوير، وتأثيره على مخرجات الوزارة. كما لم يغفل البعد الدولي في عمليات التطوير، وبخاصة في الجوانب الاقتصادية التي تعتبر أكثر حساسية تجاه القضاء، وهو أمر ينم عن وعي واطلاع ورؤية شمولية حصيفة. التحكيم الدولي كان جزءا من النقاش، ورغم أهميته القصوى، وتعامل الوزارة الأمثل معه، إلا أنه يحتاج إلى توسع أكبر وعمل دؤوب يضمن تدفق الاستثمارات الأجنبية التي تبحث أولا في آلية التقاضي والمرجعيات التجارية الدولية. المحاكم المتخصصة ومنها المحكمة التجارية ستغطي جانبا مهما من هذه المتطلبات الدولية، ويبقى التواصل مع الهيئات العدلية الدولية والمتخصصة، من أدوات التطوير وتعزيز ثقة المستثمرين.
نجح الدكتور وليد الصمعاني في مد جسور التواصل مع الإعلام وبطريقة احترافية مسؤولة وغير مسبوقة، ونجح في إلقاء الضوء على ما تحقق في وزارته من تطوير لافت، وتحول نوعي، وما سيتحقق في المرحلة القادمة بإذن الله؛ ونجحت الجمعية السعودية لكتاب الرأي في تفعيل دورها الإعلامي والمجتمعي ومد جسور التواصل بين المسؤولين والكتاب. فشكرا للجميع.