عبدالعزيز السماري
ما زلتُ أؤمن بأن الإدارة في أي مكان وزمان سر النجاح في المؤسسة أو الشركة أو الكيانات الأخرى؛ فالإدارة تعني العقل المدبر بذلك الواقع العملي، والأهم من ذلك أنها الواجهة المكشوفة والواضحة أمام الموظفين؛ فلا شيء من عملها يخفى، وعادة تبدو علامات الرضا أو السخط على وجوه الموظفين أو العمال بعد سنوات من عملها، وإذا لم تثبت جدوى مبكرة في إدارتها يتحول الأمر إلى مجرد إدارة تسيير للأعمال، أو ترك الحبل على الغارب إلى أن تحدث الكارثة..
من الأخطاء الشنيعة في العمل الإداري المؤسسي عدم وجود مقاييس للأداء على مختلف الأصعدة والفعاليات؛ لأنه من السهل إدارة شيء ما عند قياسه، وعندما لا توجد قياسات لا توجد طريقة لمعرفة بالضبط مدى فاعلية العملية أو القسم أو الشخص. وينطبق ذلك على مختلف المستويات؛شئ فلا يوجد أي كان فوق سياسة قياس الأداء..
الخطأ الآخر هو هيمنة قبول الأعذار؛ إذ لا شيء يولد الرداءة أكثر من ثقافة صنع الأعذار؛ فالأعذار نادرًا ما تعكس الواقع، خاصة عندما تستمر في التكرار، وإذا قبلت أنت أو مديرك أعذارًا فأنت بذلك تمنح مستويات الأداء المتدنية أو دون المستوى المطلوب الإذن في الاستمرار، وأنت أيضًا ترسل رسالة مفادها أن هذا النوع من السلوك العملي أو الإداري مقبول ومستمر.
من الأخطاء الشائعة طغيان العاطفة، وغياب العقلانية؛ فنادرًا ما يتم اتخاذ القرارات الجيدة عندما تكون العواطف عالية. ولعل خطأ الإدارة المشترك هو الرد في حرارة اللحظة. وإذا كان فريق العمل يتوقع رد فعل مبالغ فيه من الإدارة أو من مديرهم فسيتوقفون عن التواصل الجيد، وسيتجنبون تحمُّل المسؤولية، وسيبذلون الحد الأدنى من العمل لتجنب المتاعب، بينما بدلاً من ذلك قد يستغرق بعض الوقت للرد بموضوعية عندما يتم تسوية العواطف والحقائق، وتبدو الظروف كاملة واضحة.
خطأ شائع آخر، هو عدم وجود اتصال منتظم؛ فهناك خطأ فادح شائع للغاية، هو ترك موظفيك أو عمالك في الظلام حول ما يحدث؛ وذلك من أجل حماية الفريق من الأخبار السيئة؟ إذا كان الأمر كذلك فإن المسؤول يزرع عدم الثقة في المؤسسة؛ فبدون التواصل الواضح والشفافية يشعر الناس بعدم الاطمئنان، ويشعرون بعدم الارتياح، ويشعرون بأنهم لم يتم الاستماع إليهم أو تقديرهم كأشخاص فاعلين في المؤسسة؛ لذلك يؤدي إنشاء قناة مفتوحة مع التواصل المنتظم إلى تحسين مشاركة الفريق وإنتاجيته بشكل كبير؛ لأنه يخلق ثقافة من الثقة والمسؤولية.
ومن الأخطاء الأكثر تأثيرًا غياب خطة تطوير. وإذا كنت ترغب في أداء فريقك بمستويات متزايدة باستمرار فهم بحاجة إلى تدريب وتطوير منتظم؛ ولهذا يجب أن تضع خطة تطوير دورية لتطوير مهارة أو سمة معينة عند بعض الموظفين؛ فكل موظف في فريقك يحتاج إلى نوع من التدريب من خلال مفهوم «التعلم أثناء العمل» لضمان نموه وتحسينه وتطوره..
من الأخطاء القاتلة في أي مؤسسة أن تضع ثقتك الإدارية فيمن يخالف الأنظمة، ومن يفتقر إلى المصداقية والنزاهة في أدائه العملي أو الإداري؛ فطغيان هذا السلوك قد يؤثر سلبًا على المعنويات في الكيان، ويجعل من الآخرين يفقدون الثقة في نظام المؤسسة، وهذا وجه الخطورة.. ويظل التهديد الأكبر للنجاح المؤسسي هو تضخم هيكلها الإداري، ومن ثم انتشار ثقافة حماية المصالح الشخصية بينهم..
باختصار: الإدارة تعني تنظيم وتنسيق أنشطة الأعمال من أجل تحقيق أهداف محددة. وتتكون الإدارة من الوظائف المتشابكة والمتمثلة في تطوير سياسة المؤسسة العليا، ومن ثم تنظيم وتخطيط ومراقبة وتوجيه مختلف موارد المنظمة من أجل تحقيق أهداف تلك السياسة على أكمل وجه.