م.عبدالمحسن بن عبدالله الماضي
1. لا شك أن الأصل في الثقافة هو المبدع والمفكر.. لكن المبدعين من مفكرين وكُتاب وشعراء ورسامين وموسيقيين ليسوا هم صناع الثقافة.. بل حالة إبداعية ترتقي وتسمو كلما تهيأت لها الظروف.. أما من يقوم بتهيئة تلك الظروف فهم قادة المؤسسات الثقافية الحكومية والخاصة.. إنهم صناع الثقافة الحقيقيون.. لأنهم من يقود مركبة الثقافة.. وهم ضباط مرورها ومهندسو طرقها.. الخلاصة أن المبدعين أفراد ينتجون الإبداع.. بينما صناع الثقافة هم المهندسون البناة الذين يعملون على تهيئة البيئة لهؤلاء الأفراد للإبداع والإنتاج.
2. ألتقي بحكم طبيعة العمل ببعض مدراء ومُسَيِّري صناعة الثقافة السعودية وقادتها.. أذكر منهم هنا معالي الأستاذ: فيصل المعمر (مكتبة الملك عبدالعزيز العامة).. ومعالي الدكتور: فهد السماري (دارة الملك عبدالعزيز).. وسعادة الدكتور: عبدالعزيز السبيل (وزارة الثقافة والإعلام سابقاً).. وقد سبق أن تحدثت معهم عن مشكلة صناعة النشر والإعلان السعودي.. وكيف أن شركات الإعلام والإعلان والنشر المحلية ضعيفة الحضور ضعيفة الإمكانات.. تنتهي بنهاية صاحبها.. وألقيت عليهم باللائمة في ذلك الضَعْف لأنهم يقفون في تعاملاتهم على قدمين: الأولى أنهم مدفوعون بهاجس إنتاج أكبر كمية بالميزانية المتاحة.. وليس أمام المثقف إلا القبول بما يملونه عليه.. فالخيارات أمامه إما إنتاج إبداعه وظهوره إلى النور أو دفنه في أدراج مكتبه إلى الأبد.. والقدم الثانية هي نظام المشتريات الحكومية المُحْبِط.. فأقل سعر هو الذي يرسو عليه العطاء.. ودفاعهم في كل الأحوال: (أن الدور المطلوب منهم هو تحقيق أكبر إنتاج بأقل الأسعار.. ثم هم على رأس مؤسسات ثقافية لإنتاج الثقافة وليس لرعاية المثقف ولا حماية السوق).. أي أن الجهود الحكومية انصبت حسب قولهم على إنتاج الثقافة لا رعايتها.
3. إن وزارة الثقافة التي نبتغيها هي التي تنظم وتحفز وتشجع وتبادر وتعد وتشارك في تجهيز بيئة العمل وفي التخطيط والتوجيه ورسم المراحل.. وصناعة الثقافة مهمة غير جسيمة مقارنة بعجلة الحراك المجتمعي العظيم الذي يعيشه المجتمع السعودي.. فمثل هذا المجتمع يحتاج إلى مثل تلك الوزارة.. وللحديث بقية.