د.عبدالعزيز الجار الله
التعدي على نقوش وكتابات جبل آبانات الأسمر في النبهانية غربي القصيم (المزيد من التفاصيل جريدة الجزيرة يوم الاثنين الماضي).. هذا التعدي على الإرث الثقافي يفتح أسئلة عديدة، منها:
- تصدت إمارة منطقة القصيم وجهازها الأمني للمحافظة على الآثار من التعديات والتشوه، التي يفترض أن تحميها هيئة السياحة، ولا تجعلها بلا حماية، فأين إدارة الحماية؟
- يعيش قطاع الآثار ضبابية وتذبذبًا في تبعيته الإدارية ومسؤولياته ومهامه ما بين هيئة السياحة والتراث الوطني، ووزارة الثقافة وخطتها الاستراتيجية؛ فالآثار معلقة بين هيئة السياحة ووزارة الثقافة.. متى الحسم؟
- الآثار في المملكة قدرها الإداري أن تكون تابعة لأحد القطاعات. في البدء بالسبعينيات الميلادية كانت الآثار إدارة تابعة لوزارة المعارف، ثم وكالة لوزارة التربية والتعليم، ثم قطاع في هيئة السياحة؛ وهو ما جعل الآثار لا تستقر ولا تبقى على حال للتطوير. ومن الأولويات تسوير المواقع الأثرية القائمة، إضافة إلى لوحة تحذيرات. لماذا لم نكمل تسوير (شبك) المواقع؟
- كشفت التعديات على آثار جبال آبانات في النبهانية عن أن العديد من المواقع الأثرية غير مسورة بسياج، وبلا حماية ولا رقابة دورية، مثل حارس تكون تحت رقابته.. ليس في هذا الموقع بالذات، ولكن في معظم مناطق المملكة. أين حراسات المواقع؟
- منطقة القصيم، وبالتحديد محافظات غرب القصيم وجنوبه الغربي: الرس والنبهانية وضرية وعيون الجواء.. من المحافظات التاريخية التي شهدت قيام ممالك عربية في الألف الأول قبل الميلاد وقبل الإسلام (مملكة كندة، ومملكة عبس، ومملكة أسد)، وغيرها من الممالك العربية؛ فهي أرض حضارات، وغنية باللقى الأثرية والمنشآت والنقوش والكتابات ومظاهر طرق القوافل القديمة والتعدين القديم والآبار والبرك والسدود على طرق الحج.. لماذا تُهمل؟
غرب القصيم هضاب وجبال، تقع في سفوح جبال الحجاز، وجبال الحجاز ضمن سلسلة المرتفعات الغربية (جبال السروات جنوبًا، وجبال الحجاز في الوسط، وجبال مدين شمالاً)؛ فهي مَوطن استيطاني قديم، شهد أيام العرب قبل الإسلام، وشهد غربي القصيم حركة الجيوش والقبائل العربية التي تحركت إبان الفتوحات للعراق والشام وآسيا الوسطى، وشهد كذلك حركة الحجيج من شرق العالم الإسلامي للمدينتين المقدستين.
وهنا تكمن أهمية الحفاظ على الموروث الحضاري من التعديات والتخريب وطمس وتشويه الآثار.