فهد بن جليد
الأمر لا علاقة له باختراق التكنولوجيا للتلصُّص والتصنُّت والتصوير الآلي حتى والهاتف مغلق، وغير ذلك من أوهام وقصص التجسس، في سبتمبر عام 2012م عرفنا أول حالة طلاق في السعودية نتيجة انشغال الزوجة المُستمر (بالواتس أب) على حساب تلبية حاجات زوجها وأسرتها، كل طرف في ذلك النزاع كان يُحاول لوم الطرف الآخر وتحميله المسؤولية، الزوجات يرين أنَّ أصل المُشكلة بدأ من الأزواج أولاً، بانشغالهم طوال الوقت بتقليب هواتفهم في المنزل - بسرية أحياناً- وبإجراء حوارات ومناقشات وتبادل النكات والمزاح مع الأصدقاء والقروبات، بينما يُكشِّرون ويُعبِّسون عندما ينظرون إلى أطفالهم وزوجاتهم في تناقض سريع بين الحالتين، على طريقة من يصرخ في وجه أطفاله وزوجته ليُطالبهم بالصمت والهدوء (أوف أزعجتوني وشتتوا أفكاري) ليُركِّز في كتابة مقال أو بحث عن أهمية الإصغاء في المنزل وكيفية احتواء الأطفال ومنحهم ما يحتاجون من الحنان.
مختلف الثقافات المجتمعية العالمية سجَّلت حوادث طلاق مُشابهة، وكأنَّ الأزواج هم الأزواج في كل ثقافة وكل مجتمع، لم أطلع حتى الآن على أي دراسة سعودية تتحدث عن معدلات انشغال الأزواج عن بعضهم البعض بسبب التقنية، خصوصاً قبل النوم، هذا الوقت الحرج الذي يسجّل انكساراً نفسياً وعاطفياً بسبب عشرات البرامج والمنصات الإلكترونية التي تتسلَّل غرف نومنا لتسرقنا عن بعضنا البعض، أو ينشغل بها أحد الأزواج عن الآخر حتى يغفو وينام على الجوال، ليُعاود الاستيقاظ بسرعة ولهفة ليتصفح هاتفه بحثاً عن الجديد وحتى لا يفوته شيء في العالم من حوله، بينما فاته كل شيء في بيته حيث الصمت يلف المكان عادة، أهم مشاكلك العائلية والأسرية تنتهي بمجرَّد إبعادك لهاتفك عن مكان نومك، لا شيء أهم من عائلتك ونفسك، هذه أجمل نصيحة يمكن أن تعيد الدفء والتفاهم للبيوت، الدراسات الغربية في هذا الشأن محزنة لمُعدلات الطلاق والانفصال ونسبة الانشغال على فراش النوم بسبب تصفح الهاتف والمواقع دون أهمية أو حاجة تُذكر، حتماً الوضع سيكون (كارثياً) لو قمنا بدراسات محلية أو عربية مُشابهة، السبب هو ارتفاع معدلات (التشتت الزوجي في غرف النوم) بسبب إدمان تصفّح الهواتف الذكية لحاجة ودون حاجة.
في بريطانيا -بحسب جامعة جنوب ويلز- يتجسَّس 4 من بين كل 10 أزواج على هواتف شركائهم مرة في الأسبوع على الأقل، هذا التطفّل قاد 45 في المائة من الأزواج لإنهاء علاقتهم الزوجية والانفصال بسبب محتوى هاتف الشريك، السؤال: هل توافق على السماح لزوجتك أو زوجكِ بتصفح هاتفك الذي تنشغل به عنه طوال الوقت؟ بعض محتوى هواتفنا ليس بالضرورة أن يمثِّلنا حقاً، لذا تأكد أنَّ ما ننشغل به عن أسرنا وأزواجنا لا يستحق أيضاً، انظر لهاتفك قبل أن تعلِّق وتحكم.
وعلى دروب الخير نلتقي.