أحمد المغلوث
منذ انطلقت رؤية المملكة (2030) وهي تحمل العديد من البرامج والخطط التي أخذت بيد المملكة لتنطلق بها إلى آفاق رحبة بسعة الوطن، بل إنها تجاوزت ذلك فبتنا نشاهد فعاليات مختلفة، تقام في دول عربية وغربية، أسهمت في التعريف بجوانب كانت مجهولة، أو هناك من يتجاهلها على الرغم من أن المملكة - والحق يقال - كانت منذ شاركت في تأسيس جامعة الدول العربية والأمم المتحدة وهي حاضرة من خلال مشاركاتها، لكن - وما أصعب لكن هنا - كان الإعلام الغربي وحتى العربي يغض النظر عن مختلف فعاليات ونشاطات المملكة الثقافية والفكرية. ولو رجعنا إلى المجلات العربية والثقافية، وحتى الصحف الشهيرة، نادرًا تجد مقالة أو قصيدة أو قصة منشورة لأديب أو شاعر أو قاص سعودي. كنت منذ صغري أتابع مجلات أدبية وثقافية، تعتبر كبرى وشهيرة على مستوى العالم العربي، لكنني لم أجد مشاركات سعودية فيها إلا فيما ندر. ولو عاد أحدنا إلى الأعداد الأرشيفية القديمة لهذه المجلات لتأكد من صحة ما أقوله. وفي الوقت ذاته نجد أن مجلاتنا الثقافية والأدبية المختلفة زاخرة بالعديد من الكتّاب والشعراء وغيرهم من أصحاب الرواية والقصة، وحتى الدراسات والبحوث من عالمنا العربي.. بل نستطيع القول إن بعض مجلاتنا، خاصة (القافلة) والعربية والفيصل، وكذلك صحفنا الكبرى (الجزيرة والرياض والمدينة والبلاد وعكاظ واليوم)، ومجلاتنا الأسبوعية (اليمامة واقرأ)، باتت ملتقى لنخبة من أصحاب الثقافة والفكر.. ولا شك في أن هذا كان يشكل حضورًا عربيًّا في مجلاتنا المختلفة.. و»دكة» للإبداع. ولا شك أن لهذا دورًا كبيرًا في إثراء جوانب مختلفة من الثقافة والأدب بين عشاق القراءة.
والأيام الماضية، وحتى اليوم، لا حديث في المجتمعات الثقافية إلا عن «رؤية وزارة الثقافة» التي أعلنها مؤخرًا سمو الأمير بدر؛ فأنار هذا «البدر» بإضاءة مشرقة ومنيرة عالم الثقافة السعودية؛ لما حملته رؤية الوزارة الموقرة من برامج وفعاليات وحزم متعددة ومتنوعة، تشكل لوحة «فسيفسائية» إبداعية، كان كل أبناء الوطن شيوخًا وشبابًا يتطلعون إليها منذ عقود؛ لتشكل هذه الرؤية قوة ثقافية وحضورًا إبداعيًّا متنوعًا في وطن الخير والعطاء والفعل، في عصر لا مجال فيه للتثاؤب أو التخاذل.. ولكن فيه مجال كبير للتفاؤل بإنجازات قادمة بعدما قرأ الجميع ما تضمنته الرؤية من كيانات ثقافية جديدة، تدعو لهذا «التفاؤل» الذي يبشر بالخير بمشيئة الله، وخصوصًا أن لكل كيان خصوصيته وميزانيته ليثريه بالفعل والتحفيز بعيدًا عن «الروتين» المميت.
وماذا بعد؟ شيء مبهج حقًّا أن تنطلق في وطننا الثري مثل هذه «الرؤية الثقافية» التي كبرنا ونحن ننتظرها.. لكن - كما يقال - أن تأتي متأخرًا أفضل من أن لا تأتي..؟! إننا نأمل من الأعماق بأن تحقق هذه الرؤية كل التطلعات والآمال، وأن تتاح الفرص للجميع بعيدًا عن مجاملات الماضي والمحسوبية والشللية، وأن تكون هناك جائزة تحمل اسم جائزة (الإبداع)، تُمنح لمن قدم جديدًا أو تجربة ثرية، لم يسبقه إليها أحد في مختلف فروع الثقافة والفنون.. وبالتوفيق.