عبده الأسمري
استل سيف الأمنيات من «غمد» الصعوبات، فأبصر «الأماني» كوقائع رغم «رمد» المتاعب.. امتطى صهوة «العصامية» محولاً الظروف إلى هشيم تذروه «رياح»الانطلاق مستبدلا «رماد» العوائق بـ«عتاد» الحقائق التي لاذ بها فأقام صروح «الأثر» وفتوح «التأثير».
إنه الأكاديمي والناقد وعالم الاجتماع وعضو مجلس الشورى الدكتور عبدالله الفوزان أحد أبرز الأسماء الوطنية المؤثرة في العمل الجامعي والمجتمعي والشوري.
بوجه شمالي وسحنة تعتقت بإيحاءات الأرض وإمضاءات الأماكن وملامح «حائلية» جلية تتوارد من محيا رزين مع عينين واسعتين وتقاسيم تعبيرية تتكامل مع شارب أسود كثيف وأناقة مستدامة من البياض عامرة بزي وطني متكامل وحياكة غامرة بالتأنق مع غترة بيضاء مرسومة بشكل ثابت «مسدل» الجوانب تتماثل على قوام «طويل» البنية مع صوت جهوري تتقاطر منه عبارات الدراسات وتتمخض منه اعتبارات الاستشارات مع لغة فصحى وتعابير يدوية وجسدية تتطابق مع الحديث تتجلى في مشاهد «ناطقة» محبوكة الأداء وكأنها «درس» نموذجي قضى الفوزان من عمره عقودًا وهو يملأ جنبات الجامعات بالمعرفة ويسد فراغات المجتمع بالنصح ويميز مسار القرار بالشورى ويواجه ثورة الخلاف بالحيادية ويهزم تباين الآراء بالإثبات.
في قرية «الروضة» بحائل ولد وتفتحت عيناه على منازل الطين المكتظة بقصص «الفقر» وخفايا «العوز» فركض طفلاً بين حقول بلدته راكنًا إلى ملاحم «الجيرة» ومطامح «الكرم» مستلهمًا من وجوه «الساكنين» اعتبارات الجود ومن ضحكات «العابرين» مغانم البراءة فصال وجال ممسكًا بيد والده متمسكًا بدعاء والدته وتعلم «الإتقان» وهو يساعد والده في بناء البيوت الطينية التي ظلت «المشهد» المستديم الذي شكل قوّته وأنتج قوته. فنشأ وسط معادلة «مذهلة» من الشعور والمشاعر ومجادلة «مختلطة» من الانجذاب والتباعد فوقف «متوسطا» بين التدبر والتدبير حاملاً «لواء» الإصرار محطمًا أسوار الهزيمة بالعزيمة ليعمل «سائقًا» لدى إحدى العائلات مدججًا بقناعة القرار مجللاً بشفاعة الحال، كبرت في ذهنيته «مآثر» الوجهاء في مرابع الشمال وتعالت في عقليته «مؤثرات» الأحوال في مراتع قومه فتربي على «الإيثار» وشرب من معين «الحسنى»..
تزوج الفوزان وهو طالب في الصف الثاني ثانوي بتوجيه «محنك» من أبيه فاكتملت لديه «أضلاع» مربع المسؤولية باكرًا فرسم دائرة الحياة بمداد «اليقين» ووقف شامخًا في نقطة ارتكاز الأهداف ليكمل هندسة العمر بأدوات البراهين.
سيرة تعليمية مميزة تباينت فيها معالم تضاريس النتاج ما بين «الإحساس» و»الحماس» لتدوي في أنفاق المتاعب بأصوات الفلاح لتعلن انتصار «الذات» واحتضار الفشل ليكون الفوزان أستاذًا جامعيًا وكاتبًا وإعلاميًا وناقدًا وشوريًا ومفكرًا في قالب «رجل واحد»... حيث أكمل تعليمه العام في مسقط رأسه ثم انتقل إلى الرياض وحصل على بكالوريوس علم الاجتماع من جامعة الملك سعود عام 1405 ليتعين بعدها معيدًا نتيجة كفاءته وتميزه ثم تم ابتعاثة للخارج وحصد الماجستير من جامعة غرب ولاية ميتشجن عام 1409 ثم نال دكتوراة في علم الاجتماع من جامعة ولاية الميسسبي بأمريكا ليعود الفوزان بعدها إلى أرض الوطن وفي يمناه «لائحة» الاعتماد وفي يسراه «تلويحة» الفرح. ليدخل العمل الأكاديمي أستاذًا بقسم الدراسات الاجتماعية بجامعة الملك سعود ثم أستاذًا مشاركًا ثم وكيلاً لكلية الآداب وتنقل في أكثر من منصب جامعي واختير ليكون عضوًا بمجلس الشورى السعودي وأمينًا عامًا لمركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني.
يقف الفوزان على مسافة واحدة من قضايا مجتمعه يتحدث عنها بحس وطني عميق وإحساس مهني متعمق لذا كان «سادن» المنهجية التي لا تحيد عن الثوابت و»خازن» التطورات التي لا يلبث أن ينثرها كقواعد تؤسس بناء المجتمع.
يتمسك الفوزان بشفافية يدفع ثمنها من التزامه الفكري وإلهامه المعرفي اللذين يعتنقهما أمام كل الأطياف.. رافضًا الذاتية.. محاربًا الفوقية.. مناصرًا المرونة.. لذا كانت له محكمته «الاجتماعية» التي كان فيها قاضي الاستئناف المجتمعي الذي يؤيد أحكام التسامح ويكتب قرارات الائتلاف.
عبدالله الفوزان صوت «عادل» وصدى «فاضل» وزع هدايا العون في قضايا المجتمع ونشر عطايا «التعاون» في محافل الرسمية فكان وجهًا «مفضلاً» للاستماع و»معلمًا» محببًا للإبداع.. وظل «وجيهًا» يملأ مكانه ويرفع رأسه متخذًا من «البدايات» سر الاعتزاز ومن «النتائج» علانية الإنجاز.