م. بدر بن ناصر الحمدان
المعيار «الأول» لتقييم مهنية أي منظمة أو منشأة أو إدارة يعتمد بالدرجة الأولى على مستوى تعاملها مع منسوبيها ومدى احترامها وتقديرها لهم، وتأدية حقوقهم، والقيام بواجباتها تجاههم، فإن صلحت هذه الأمور صلح سائر عملها، وإن فسدت فسد سائر عملها، عندما تقرر أن تنتمي لمكان ما، يجب عليك أن تكون في مستوى العلاقة بينك وبينه، فالفرض هنا يحتم عليك قرار مسؤولية بناء مستقبل هذا المكان، وإطلاق كل طاقاتك وقدراتك من أجل تطويره والعناية به وتحقيق أهدافه، سواء كانت مدينة أو مدرسة أو منزلاً أو مكان عمل، تذكر جيدًا أن تطوير المكان الذي تنتمي إليه لن يتحقق إلا بتكوين فريق عمل يمتلك الرغبة والإرادة، فالرغبة كفيلة بصناعة الإمكانات، والإرادة قادرة على توظيفها، لذلك فأهم عنصرين في بناء فريق العمل الفعّال هما الثقة والتحفيز، إذا ما أردت أن تبني عملاً مؤسسيًا للمستقبل.
لتكون قائدًا مهنيًا ماهرًا، ومؤثرًا فيمن حولك، حاول جاهدًا أن تكون معطاءً وكريمًا، وأن تثق بمن يعملون معك؛ امنحهم الصلاحية؛ ودربهم على القيادة؛ تحمل مسؤولية قراراتهم؛ حفزهم على بناء شخصياتهم؛ عليك أن تتقن فن بناء المعنويات فهي مهارة لا يجيدها سوى من يمتلك لياقة إدارية عالية وقدرة على التعامل مع الآخرين، تأكد أنه لن يكون هناك إنجاز أفضل من أن تجد من كان يتعلم منك، قد بدأ يتفوق عليك، إنها فلسفة عميقة في رحلة بناء الإِنسان تبدأ من التجرد من الأنا.
إن خوض معركة تطوير المكان يتطلب منك أن تكون قويًا وصامدًا، ومثابرًا، وذا لياقة معنوية عالية، حاول أن ترتقي بأخلاقياتك وقيمك، حافظ على توازنك، ثق تمامًا أنك ستخوض منازلات من العيار الثقيل، فالطريق لن يكون سالكًا ولا سهلاً ولا مفروشًا بالورود، الحفاظ على مبادئك سيتطلب منك المقاومة الجادة، ومواجهة المواقف بكل ثبات، فلن تجد بيئة عمل خصبة للتطوير ولا مثالية للعمل، بل ستجدها مليئة بالمعوقات والتحديات وهنا يولد القادة الحقيقيون.
كن شجاعًا ولا تنظر إلى ضعف مواردك وقلة إمكاناتك، بل انظر لكبر طموحك وعلو همتك، ولا تلتفت للمثبطين وذوي الهمم الدنيا، لا تأبه بهم، ولا تستمع إليهم، تجاهلهم ولا تمنحهم أي مساحة من تفكيرك ولا من وقتك، أعرف دائمًا أن هناك من يختبئ في الجحور ويحاول أن يئد كل فكرة طموحة، ويشوه كل إنجاز فريد، ويحاول أن يبني مجدًا شخصيًا على حساب الآخرين، وأصل المضي قدمًا نحو الأمام، اصنع لنفسك جدارًا من فولاذ، تحمي به إرادتك وطموحك.
أعلم أن هناك أناسًا قد لا يعجبهم نجاحك ولا ثقتك بنفسك ولا قوة إرادتك، سوف يسعون في التأثير عليك بانتقادهم وليس نقدهم، كن ذكيًا في تعاطيك مع النقد، فهناك نقد يراد به تقويمك وتحفيزك فعليك أن تعمل به وتستفيد منه وتصنع منه داعمًا في رحلتك الطويلة، وهناك آخر يراد به إعاقتك وتحطيمك فتجاهله، وانزعه من قاموسك، ولا تدعه يؤثر في معنوياتك، ولا تلفت إلى الوراء، فالعداء الماهر يضع عينيه على خط النهاية، أبحر إلى عرض البحر وواجه الأمواج، دع الساحل لمن يعشقون الهوان، تذكر أن «السفن آمنة عندما تكون في المرفأ، لكنها لم تصنع لذلك».
إن كفاحك من أجل التغيير والتطوير سيصنع منك شخصية قوية وقادرة على التحمل والسير إلى الأمام مهما كانت الظروف والتحديات، لا ترضى أن تكون هامشيًا تتأثر ولا تؤثر، كن فاعلاً، ولا تستعجل النتائج، تحلى بالصبر والأناة، تذكر أن المعارك الطويلة تصنع رجالاً أقوياء، وتثمر عن مكاسب ثمينة، فالأجيال القادمة ستذكر لك ملحمة الصمود هذه، عندما تجني هي ثمار غرسك وعملك، لا تتردد، ثق بأنك قادر على خوض هذه المعركة، ولا تنسى أن الوصول إلى هدفك يتطلب منك أن تكون قائدًا «نزيهًا» و»مخلصًا»، والأهم من ذلك كله قف على أعتاب الحياة ولا تتنازل عن طموحاتك وأحلامك، فكثيرون يرونك قائدهم، ويعلقون آمالهم عليك.