عمر إبراهيم الرشيد
لعله لم يقاس شعب عربي مثل ما قاساه الجزائريون من نير الاحتلال الفرنسي على مدى أكثر من مئة وعشرين عاماً، انتهت بنيل الجزائر استقلالها عام 1962م، باستثناء الشعب الفلسطيني الرازح تحت الاحتلال الصهيوني إلى اليوم، وهذا باعتبار طول فترة الاحتلال وقسوته. ومن المعلوم ما دخله هذا القطر العربي من فترة الاضطرابات واختلال الأمن من عام 1992 وحتى نهاية الألفية تقريباً، وكأن هذه السنين هي ما أعطت الجزائريين الدرس الأكبر من سنوات الاضطراب تلك فعرفوا بها نعمة الأمن، فجنبوا بلادهم وأنفسهم الانجرار فيما سُمي تهكماً بالربيع العربي. وقلت سنوات الاضطراب والاقتتال ولم أقل سنوات الاحتلال، حيث إن الاحتلال يوحِّد الشعب كون العدو واحد معروف وسافر، بينما الحروب الأهلية أو الفتن والاضطرابات هي ما يفتك بالشعوب والأوطان ويفقدها بوصلة المسار.
لقد مرّت الجزائر بأهوال حفرت في وجدانها وذاكرتها دروساً ليس لها فحسب، بل لكل من يجيد قراءة التاريخ من المجتمعات والأفراد، بأن الأمن أكبر النعم، وأن الجبهة الداخلية إذا كانت منيعة ضد سوسة الفرقة والفتنة فلن تقدّر أي قوة على إخضاعها. فاللهم احم الجزائر وأعد الأمن والاستقرار لمن تنشدهما من دول عربية وإسلامية، واحمِ بلاد الحرمين وقبلة المسلمين، والله يرعاكم بلطفه.