د.عبدالإله ساعاتي
أصدرت رئاسة أمن الدولة يوم الاثنين الثامن عشر من شهر رجب الجاري بيانًا مهمًا أكدت فيه أن العنصرية والكراهية والفرقة والحقد والإقصاء.. كلها أعداء للأديان والأوطان والإِنسانية.. وهي سلوكيات متطرفة تسعى إلى زعزعة النسيج الاجتماعي واللحمة الوطنية، مبينة أن وسائل التواصل ساعدت في بثها والترويج لها. وأضافت عبر مقطع فيديو توعوي وطني نشرته أن العنصرية وسيلة تستخدم لتفرقة المجتمعات وزرع الفتن ولها أشكال مختلفة.. مرة تعزف على وتر القبيلة ومرة تستهزئ بالثقافة واللهجة وأحيانًا تستهدف المناطق والمعتقدات والمذاهب. وأضاف البيان أن من يتصدر مشهد العنصرية شخص يبحث عن الشهرة، أو لديه نقص أو يهدف إلى المساس بالوحدة الوطنية.
وحول السؤال عن كيفية مواجهة العنصرية.. قال البيان: يجب علينا الوقوف في وجه ناشريها بعدم إعادة التغريد أو نشر المقطع أو ترويجه، ونكون واعين بحقنا القانوني في رفع دعوى على من أساء إلينا، والأهم عدم الإساءة لغيرنا لأننا كلنا أبناء وطن واحد.
بيان رائع ومهم مشفوع بشريط فيديو توعوي وطني لتعزيز قيم الإِنسانية والوطنية بعيدًا عن إسفاف العنصرية البغيضة.
والحقيقة هي أن بلادنا -حفظها الله - محسودة على ما أنعم الله به عليها من نعم كثيرة.. ومستهدفة من جهات خارجية متربصة غاية مناها نشر الفرقة والانشقاق بين أبناء المجتمع السعودي والتأثير على تماسك الجبهة الداخلية ووحدة النسيج الاجتماعي.
ومع الأسف هناك موجة عنصرية وكراهية غير مسبوقة في وسائل التواصل الاجتماعي من قبل فئات تجاه فئات أخرى داخل المجتمع السعودي الواحد الذي وحده الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود -طيب الله ثراه - على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.. وعلى العدل والمساواة.
وما نشاهده في وسائل التواصل الاجتماعي اليوم هو خطاب استعلائي لا يخلو من العنف اللفظي والتجريح والتحريض.. و»العنصرية» من السلوكيات الجاهلية النابعة من «الاستطالة على البشر».. والتي أشرق نور الإسلام ليقضي عليها.. فهي سلوكيات لا تستقيم مع الأخلاق الإِنسانية السوية.
ولقد وجد أعداء المملكة المتربصون في هذه الموجة المقيتة ضالتهم حيث تعمل جهات خارجية مغرضة على تغذية موجة العنصرية وتأجيجها من خلال حسابات وهمية بهدف إحداث فرقة وانشقاق وتفكك في المجتمع السعودي ونشر الفتن والأحقاد والبغضاء والضغائن بين أبناء المجتمع السعودي للتأثير في تماسك الجبهة الداخلية وتلاحمها.. حيث تشير تقارير إلى أن هناك نحو 23 ألف حساب وهمي في «تويتر» تغرد ضد المملكة.
وكما هو معروف أن العنصرية والكراهية تتعارض مع تعاليم الدين الإسلامي الحنيف.. فلقد نهى عنها الله سبحانه وتعالى حيث قال في محكم التنزيل: {وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ}. وقال الرسول الكريم صلوات الله وسلامه عليه: «أتركوها فإنها منتنة «..
وهناك عديد من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الصحيحة حولها. كما أنها تتعارض مع مبادئ الدولة السعودية.. وتتنافي تمامًا مع أهداف ومبادئ رؤية المملكة 2030 وبرامجها المختلفة وخاصة برنامج جودة الحياة ونبذ الكراهية.
يقول خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله -: «لا يمكن أن نقبل تفرقة أو عنصرية أو تمييزًا بين مواطني هذه البلاد المباركة فالكل في ميزان الدولة متساوون».
والعنصرية.. مجرّمة في جميع الأديان.. وفي كافة المواثيق الدولية.
وحيث إن موجة العنصرية والكراهية بين أبناء المجتمع السعودي أصبحت ظاهرة خطيرة وسرطانًا خبيثًا.. وخاصة أن «العنصرية والكراهية» هي المغذي للتطرف والإرهاب.. ولا سيما أن أكثر المتداولين لها في وسائل التواصل الاجتماعي هم من الشباب الغض.. الذي يسهل التأثير عليه.
والخطابات العنصرية باختصار هي دعوة للفرقة.. لا يوقفها إلا الوقوف أمامها بحزم وردع وعقاب.. خاصة وأننا نعيش عصر سلمان الحزم.. والتأخر في مواجهتها والتصدي لها يؤديان إلى التأخر في علاج المشكلة المتفاقمة.. ويعطي المجال لأعداء البلاد لاستغلالها لبث سمومهم.
والمملكة العربية السعودية.. على إثر الحادث الإرهابي في نيوزيلندا طالبت دول العالم بمكافحة الإرهاب والكراهية والعنصرية.. ودعت إلى عدم التساهل مع من يدعمون التطرف والكراهية والعنف والعنصرية بأي شكل من الأشكال.. ونحن أحوج ما نكون إلى الالتفاف حول قيم المحبة والوئام.
وأخيرًا فإن المأمول من رئاسة أمن الدولة عدم التساهل مع الذين ينشرون العنصرية والكراهية بين أبناء المجتمع السعودي.. وأن تبادر إلى إيقاف الحسابات والهاشتاقات المعروفة بنشر العنصرية وبث الكراهية بين أبناء المجتمع السعودي.. فهي معروفة وتجاهر بهذه العنصرية البغيضة دونما رادع.. بل وبتحد صارخ وعنجهية مقيتة.. يجب ايقافها حماية للمجتمع السعودي المبارك.. ومحاسبة المتطرفين المتزعمين لهذه الكراهية البغيضة الذين يتصدرون مشهد العنصرية والكراهية بحثًا عن الشهرة ولديهم بالتأكيد نقص -كما جاء في البيان -.. وإيقاف سمومهم التي يبثونها بين شباب المجتمع السعودي الكريم.
حفظ الله بلادنا وقادتنا ومجتمعنا.. وأدام علينا كريم نعمائه.. إنه سميع مجيب.