قليل من الرجال تجد في نفسك رغبة في أن تكتب عنه بعد أن رحل عن هذه الدنيا الفانية، ومن هؤلاء العم عبدالكريم بن عبدالله المزروع.
فهذا الرجل ليس بصاحب مركز وظيفي مرموق، أو ثروة طائلة، أو وجاهة يتقرب المرء لأجلها، ولكنه صاحب محل متواضع لبيع المواد الغذائية في وسط مدينة الرياض.
ومع ذلك فهو من نوادر الرجال الذين تجد في نفسك ميلاً إلى محبتهم وتقديرهم لخصال اجتمعت فيهم. وقد صُلّي عليه رحمه الله عصر يوم الأحد 24 من رجب 1440هـ. ومن الخصال التي يتميز بها أبو خالد صفاء قلبه وسلامة صدره فقد عرفته منذ ما يزيد عن عشر سنين، فإذا به الرجل الذي لا يحمل الحقد قلبه وإذا أساء إليه أحد بكلام غير لائق فإنه يحتمل هذا الكلام، وينساه بعد مدة مهما كانت قساوة ما سمعه وعندما يترك ما قيل وراء ظهره، فإنه يعود إلى ما كان عليه وكأنه لم يسمع شيئاً. ومن خصاله الحميدة حبه للخير ومساعدة المحتاجين الذين يفدون إلى محله طلباً للمساعدة، فيجود عليهم بما يستطيعه من مال.
ونظراً إلى أنه قد قضى شطراً كبيراً من عمره في بلدة الزبير، شأنه شأن كثير من السعوديين الذين نزحوا قبل مدة من الزمن إلى هذه البلدة طلباً للعيش، فإنه لم ينس أهل هذه البلدة من المحتاجين، حيث يرسل إليهم ما تجود به نفسه الكبيرة كعادة سنوية لم يتركها منذ أن عاد إلى موطنه (السعودية).
ومن هذه الخصال الحميدة أيضاً روحه المرحة وحبه للدعابة، مع عفة لسان وسلامة صدر، وكثيراً ما يبادر محدثه بذلك، وقد طبعت هذه الخصلة فيه حتى أصبح معارفه لا يتحرجون من التبسّط معه في الكلام، وتبادل النوادر معه، فهو لا يأنف من ذلك حتى بعد ما تقدمت به السن. ولعل هناك بعض الأمور والصفات التي تخفى علي، ويعرفها من هو ألصق به مني.
وقبل أن أختم هذه الكلمة فلابد من ذكر ما يتمتع به رحمه الله من أمانة، حيث يودع عنده بعض الناس أموالهم لثقتهم به، ومعرفتهم بضمان حصولهم عليها متى ما طلبوها. رحم الله أبا خالد، ورفع درجته في عليين، إنه على ذلك قدير، والله الهادي إلى سواء السبيل.
** **
عبدالله بن محمد المسعد - الرياض