أبا عيد: وما غبت وإن رحلت
وعلى قدر المحبة كم يؤلم الفقد، وبقدر الذكريات كم يؤلم الرحيل، وما للنفس من صبر إلا بزاد الاحتساب لله عز وجل، وهل على الموت من عون إلا {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.
مؤلم أن تفقد عزيزًا ومؤلم أكثر أن تفقد من تربطك به أكثر من صلة، رحم الله العزيز والقريب وابن العم والصديق عبدالعزيز بن سعد بن إبراهيم بن عيد أحد وجهاء بلدة البرة وخير من يمثلها بكرمه وأخلاقه.
ما أجمل أن تكون ابتسامته الدائمة ودفء كلماته وبشاشة وجهه وصفاء نفسه من أهم الروابط التي وثقت عرى المحبة والصداقة والإخوة رغم فارق العمر.
أبو عيد رجل يميزه التميز بأخلاقه وكرمه وحسن مقابلته للناس ووجاهته، لم أره يومًا عابسًا أو شاكيًا، بل كان الفرح والتفاؤل والهدوء يؤكد شخصيته المحبوبة.
برفقة أبي عيد في الصحراء كن مطمئنًا أنك لن تفقد البوصلة ولن تضيع الطريق، لأنه يعرف الكثير والكثير من الأخبار والسكان والأصول ومعظم الأحداث التي حدثت في الصحراء ودروبها ومسالكها وطرقها، فهو رجل محب للصحراء وللتجول والترحال.
أبو عيد رجل أحب الصحراء واكتسب منها مواهب عديدة تعلم بعضها من والده -رحمه الله- الذي كان يلقب بـ(أبوشلفا)، سمي بذلك لأن شلفاه كانت يده الثالثة في حله وترحاله وفي شبابه وشيبته، كانت الصحراء عشقه فعشقها معه ابنه.
أبا عيد لن يفقدك أهلك ومحبوك فقط، بل ستفقدك بلدة البرة وسيفقدك زوارها وستبكي نخيلها وواديها وشعابها وستبكيك (قارة الضعينة) كثيرًا.
أبا عيد رغم مشاغلك وارتباطاتك وعلاقاتك الاجتماعية إلا أنك لم تنس أهلك، وطبقت ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي»، واكتب هنا شاهدًا أنني يومًا اتصلت به هاتفيًا ادعوه لرحلة برية فاعتذر مني أنه في دبي، وسألته من محبة: «أبا عيد لستَ رجل أعمال ولا أنت من هواة السفر الخارجي»، فقال -رحمه الله-: «البنيات يا أبا محمد نوسع صدورهن، أنا معهن في دبي».
أبا عيد إنني هنا أعزي نفسي بوفاتك قبل أن أعزي أهلك الأقربين، واكتم في القلب ألمًا وشوقًا، أثقلت علينا أبا عيد برحيلك وما اعتدنا منك إلا البشاشة والفرح والتفاؤل، لطالما أفرغتَ من مُقلنا دموع ضحك وفرح، واليوم دون رأي منك ها هي دموع الحزن تتكلم.
في مثلك أبا عيد تستحق الحروف رثاءك، وليس خير من ذلك إلا الدعاء لك: رحمك الله رحمة واسعة وغفر لك كل ذنوبك وأدخلك الجنة بغير حساب، و{إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.
** **
عبد العزيز محمد السعد العجلان - محبك وابن عمك وصديقك