مها محمد الشريف
لم تعد الساحة السياسية في العالم تجهل الدور الذي تقوم به قطر في شراء الذمم، وتوظيفها لمصالحها الخاصة والمدمرة للدول العربية. ويمكن الحديث عن تشظي الفاسدين إلى عدد يصعب حصره في الشرق والغرب. هذا المال سُخر لخدمة نشر الفوضى بالعالم العربي، ودعم تنظيمات إرهابية، زعزعت استقرار دول، مثل العراق وسوريا وليبيا واليمن، وقسمت الفلسطينيين إلى قسمين، وأسهمت بتحويل هذه الدول إلى ضعيفة، وهذا أيضًا خلق جبهات خفية في كل دولة، تنفذ أجندة نظام الحمدين، وتنحاز للمصالح الفردية أو المؤسساتية ضد أوطانها.
إن لعبة المال القطري وصلت للرياضة، وعاثت بأروقة الفيفا فسادًا في محاولة مستميتة للتسويق لنفسها من خلالها كدولة لها تأثير وقيمة، وهو منافٍ للحقيقة؛ لأنها دولة صغيرة، وكل ما تقوم به لا يخدم أي مصلحة لها، بل خدمة لأهداف وأجندة دول أخرى؛ فالأفعال تتحدث بصوت أعلى من صوت الكلمات، وها هي وسائل الإعلام العربية والعالمية تنشر فضيحة جديدة للنظام القطري القمعي، لكن هذه المرة كشفها تقرير لإحدى الوسائل الإعلامية الأمريكية، وتدعى «كونسيرفاتيف ريفيو»؛ إذ أكدت في تقريرها أن العديد من خبراء الأمن القومي المزعومين في شبكة «سي إن إن» لديهم روابط مباشرة مع دولة قطر.
وأكد التقرير الأمريكي أن قطر في الشرق الأوسط مهمتها تمويل الإرهاب، وعمل الخبراء في شبكة «سي إن إن» لخدمة مخططات النظام القطري وأهدافه، أي ما يحللونه من أحداث على برامج تلك الشبكة ما هو إلا تنفيذ لرؤية مخططات تميم فقط؛ وذلك ما دفع جونيور ابن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للتغريد في «تويتر» قائلاً إنه «مصدوم لسماع ذلك».
في الحقيقة، لا تتحكم قطر بهذه اللعبة إلا بالقدر الذي تجده من معارضي الأنظمة الحاكمة في بلدانهم؛ فهي بارعة في توليد التصادم المؤدي إلى زعزعة المجتمعات والصراعات الداخلية، ومتأصلة جذورها بالدسائس والكذب، وتمارس أنشطتها ضد السعودية ودول أخرى كثيرة.
وفي السنوات الأخيرة شكلت أنظمة إيران والحمدين وتركيا تهديدًا لأمن واستقرار المنطقة، وجعلت للإرهاب المعولم أرضًا وقاعدة، ينطلق منها في الدول المهمشة التي تعاني اقتصادياتها من الضعف في الموارد، بعملية ذرائعية في السعي لشراء الذمم، وشراء الناس؛ وهو ما أحدث تصدعات داخلية، هاجر إثرها الكثير طلبًا للمال القطري؛ فأصبحت الدوحة الحاضن لهم ولأحلامهم وآمالهم، وتم توظيفهم مقابل تجنيدهم في كيانات تخدم سياستها الإرهابية.
منذ أن قررت أن تحول نشاطهم إلى أجندة تعمل لصالحها، كمهدي حسن، وجولييت كايم، ومجموعة علي صوفان التي تتخذ من الولايات المتحدة مقرًّا لها، ويظهر على شبكة سي إن إن بشكل منتظم، الذي تم إبرازه في الفيلم الوثائقي المناهض للسعودية الخاص بهذه الشبكة، المدير التنفيذي لأكاديمية قطر الدولية للدراسات الأمنية التي تتخذ من الدوحة مقرًّا لها، ويمولها النظام القطري..
وعلى أية حال، فإن مادة سياسة قطر الخارجية وأسلوبها ستتغير نتائجهما من اجتذاب الآخرين إلى إرغامهم بالقسر، وتوريطهم في المحاكم الدولية؛ لذلك نقول لمن هاجم السعودية، وعمل على تصعيد مقتل خاشقجي، وروج أيضًا لنظريات المؤامرة المكشوف زيفها حول اختراق السعودية معلومات شخصية لمدير أمازون التنفيذي ومالك صحيفة واشنطن بوست جيف بيزوس، لا شك أنه سيواجه مصيرًا سيئًا بعد انكشاف أمره؛ لأن السياسات المتغطرسة تستهلك النجاحات السابقة، وتدينه لعدم توافر الأدلة على براءته.