د. حسن بن فهد الهويمل
كثيرون هم أولئك الذين اعترفوا بمعلميهم، واعترفوا لهم بالفضل. والقليل من أصروا، واستكبروا استكبارًا.
(الحياة) هي رأس المعلمين.. أفرد لتعليمها (السباعي) و(أحمد أمين) كتبًا مستقلة.
عرفتُ (العقاد) في وقت مبكر، وشدني إليه فكره الجبار، وأنفته. وعجزي عن فهم مراميه كان - بحق - يشكل تحديًا لي، وأنا أحب من يعيي مداركي.
قرأت في مطلع شبابي كتابه (الله)، وعلقت عليه بكلمات، تدل على جهلي بمراميه. لقد هاجمته بعنف. ومن حسن الحظ أن الكتاب والتهميشات عصفت بها عوادي الزمن إلا قليلاً من ورقات تدل على أن لكل مرحلة من حياة القارئ مستواها، وأن عليه ألا يمسكها على هون، وألا يدسها في التراب، بل عليه أن يحمد الله على تجاوزها بمسافات فلكية.
كثير ممن تأخروا في طباعة رسائلهم العلمية تركوها لأنهم تجاوزوها معرفيًّا، ولو طبعوها في وقتها لأرخت لمرحلة من حياتهم العلمية.
علمني العقاد الحفر حتى القاع حين قال:-
لأن أقرأ الكتاب ثلاث مرات خير لي من أن أقرأ ثلاثة كتب.
لقد تصور (الحرية) بشكل مرهق؛ إذ رفض الزواج، والدراسة، والوظيفة؛ لأنها تحد من حريته التي يراها. لا نوافقه على صرامته، ولكننا في بعض المواقف نقره على تصوره للحرية.
- الوظيفة سماها رق القرن العشرين.
- والدراسة تلزمك بمعلومة لا تريدها، وبمعلم، ضعيف التفكير قليل المعرفة.
- والزوجة تحد من حريتك، ومن تصرفك عن عشقك الحقيقي للقراءة.
- هكذا هي رؤيته للحياة.
- وهي رؤية نحترمها، ولا نمضي معه فيها.
- وأحسبه قد ندم على بعض ما ذهب إليه.
- علمني ضرورة المتابعة لكل جديد، حتى لقد أثر عنه الحصول على ملازم الكتب لقراءتها قبل الصدور.
- علمني الاعتزاز بالرأي دون الإصرار عليه.
- علمني أهمية القراءة، حتى لقد أثر عنه أنه يقرأ ثماني عشرة ساعة في اليوم.
- هذا هو العقاد الذي جاء من أسوان صعلوكًا نكرة، فملأ الدنيا، وشغل الناس، وغيّر مسار الفكر، وأساليب البحث.