سمر المقرن
لا يُمكن إلقاء اللوم على معلم الطائف وحده، الذي أخذ طلاب المرحلة المتوسط في زيارة إلى مغسلة موتى ليشرح لهم درسا عمليا عن الموت، فتعليم الطائف قام بتشكيل لجنة تحقيق في هذا الموضوع، بينما مع بالغ الأسف أن الدرس موجود في المنهج الدراسي وما فعله المعلم هو قيامه بالشرح العملي للمنهج، وهو يُطبق خطط الوزارة التي تنادي بهذا النوع من التعليم!
الأمر خطير جداً، ويحتاج إلى لجنة متخصصة تدرس وضع تأثير مثل هذه الدروس في المناهج التعليمية لطلاب «أطفال» في المرحلة المتوسطة، وفي نفس الوقت هم في بداية مرحلة حياتية جديدة هي المراهقة، وأهمية الحرص والتدقيق والتمحيص في المعلومات التي تقدمها المناهج الدراسية للطلاب وتأثيرها عليهم من جميع النواحي. برأيي الشخصي أن فكرة الموت ليست فكرة جيدة لتكون درساً لأطفال في هذه المراحل العمرية، لماذا التركيز على الموت وتجاهل الحياة وجمالياتها التي تمنح الطفل والمراهق حائطاً نفسياً منيعاً ضد ما قد يعترض حياته من مشاكل بما فيها الموت.
استقبال الطفل والمراهق لفكرة الموت مختلفة تماماً عن استقبال الشخص الناضج، وقد كنت في يوم (ما) طالبة وكانت بصدق هذه الدروس ترعبني وتمنع عني النوم وتتسلط عليّ الكوابيس المخيفة، بعكس اليوم الذي وصلت فيه إلى مرحلة النضج واختلف استقبالي للموت ولم يعد شيئاً مخيفاً كما أراه. الطفل والمراهق لن ينظر من هذه الزاوية أبداً، فتركيزه في الغالب على المشاعر المحيطة بالموت والحزن والفقد، هذا في حال تعرض في محيطه لحالة وفاة، بينما تفاصيل الموت ودخوله إلى دهاليز مغسلة الموتى وغيرها في تصوري أنها تفاصيل مخيفة لهذه الفئة العمرية وسوف تعمل على جعل شخصية الطفل مهزوزة جراء ما تعرض له من فجيعة من هذه الدروس سواء عملية أو نظرية!
أعتقد من المهم أن تُعرض المناهج الدراسية على متخصصين في الطفولة والمراهقة، وأن تكون هناك دراسة وافية لكل منهج دراسي لهذه المرحلة حتى نتأكد أننا نمضي في المسار الصحيح، دون تعريض الأطفال والمراهقين لهزات نفسية قد يختلف استقبالها من طفل لآخر وقد تكون وصمة سلبية لأحدهم مدى الحياة!