أ.د.عثمان بن صالح العامر
أذكر أن وفداً ثقافياً من أعضاء مجلس الشورى في دوراته السابقة زاروا حائل مطلع شهر شعبان العام الماضي، ألقى خلال هذه الزيارة الخاصة الدكتور عبدالرحمن بن صالح الشبيلي محاضرة في رحاب جامعة حائل (محمد أسد مؤسس العلاقات الحديثة بين المسلمين والغرب في ضوء ما جد في سيرته)، كان هذا في الصباح، وحين المساء استضاف صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن سعد بن عبدالعزيز أمير المنطقة الوفد الزائر وثمن لهم هذه الزيارة والالتقاء بالأكاديميين والطلاب والموظفين في الجامعة، وحين عُرف بالدكتور الشبيلي وذُكر عنوان محاضرته الصباحية وقيل عن (أسد) إنه صاحب كتاب (الطريق إلى مكة) المشهور، التفت سمو الأمير إلى يساره، حيث يجلس الوفد الزائر وقال والكل يسمع: (نحن اليوم هنا في المنطقة بحاجة إلى من يعرف الناس الطريق إلى حائل).
هذه في اعتقادي رسالة أراد سموه الكريم أن تصل الجميع، فنحن منطقة تسوق نفسها لرجال المال والأعمال ولأصحاب الفكر والقلم ولعشاق التنزه والسياحة بما حباها الله من طبيعة جميلة خلابة وموقع متميز ومناخ معتدل وصفاء ونقاء في الهواء، ولما فيها من فرص استثمارية واعدة فضلاً عن إنسانها وأرضها، وجزماً وصلت الرسالة في حينها للكل.
هذا الأسبوع جدد سمو الأمير هذه الأطروحة ولكن في الرياض، حيث التقى برجال الأعمال والمستثمرين هناك لقاء ودياً خاصاً، وعرضت أمانة المنطقة فرصها الناجزة لديها تحت مسمى (حائل الاستثمار).. لعل وعسى أن تتوجه الأنظار لمنطقتنا الغالية.
إن هذه المناطق بكل شفافية ومصداقية ووضوح وصراحة تعاني معاناة حقيقية من ضعف رأس المال الاستثماري فيها، ولذا فغالبية مشروعات القطاع الخاص مشروعات بسيطة ومحدودة الأثر الاقتصادي فدورها في تسريع عجلة الاقتصادي وتدوير الريال دور بسيط جداً، رغم كل الجهود التسويقية التي بذلت وما زالت تبذل سواء من قبل سمو أميرها أو نائبه أو هيئة التطوير أو مجلس إدارة الغرفة التجارية الصناعية أو الأمانة أو من خلال العلاقات الشخصية بأصحاب الملاءة المالية في المملكة. وهذا الوضع بالطبع كانت له آثاره الظاهرة في ارتفاع نسبة البطالة مقارنة ببقية مناطق المملكة جراء محدودية الفرص الوظيفية التي يطرحها القطاع الخاص وكذا الأهلي، مع اشتداد الضغط على القطاع الحكومي الذي يعد حتى هذا التاريخ الموظف الرئيس تقريباً، وهذا يتنافى -كما هو معلوم- مع تطلعات وطموحات قادتنا وولاة أمرنا الذين يعولون على هذين القطاعين (الخاص والأهلي) في المشاركة الفعلية في ردم الهوة وتقليل مساحة الفجوة وتقليص نسب البطالة ومواجهة أزمة التوظيف.
لقد استشعر صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن سعد بن عبدالعزيز أمير المنطقة أهمية الأمر وأخذ على عاتقة - من باب المسئولية الوطنية والإنسانية والشخصية والمجتمعية- إيصال صوت المواطن في هذه المنطقة فجاء بنفسه لرجال الأعمال في العاصمة الرياض ليقول لهم في عقر دارهم ها نحن.. فأين أنتم؟.. لقد استبان الطريق إلى حائل فأين السالكون له من أجل الاستثمار الذي سيحرك عجلة الاقتصاد، ويحد من نسب البطالة، ويخلق الفرص الوظيفية الجديدة، ويبشر بغد مشرق في هذه المنطقة الغالية..؟.
إننا خلف أميرنا المحبوب (وجه السعد) ننتظر مبادرات ومشروعات خاصة يكون فيها الجواب (ما تراه لا ما تسمعه)، وليس ذلك بعزيز على أصحاب رؤوس الأموال خاصة في ظل دعم وتحفيز وتشجيع وتسهيل ومباركة قيادة عظيمة حكيمة قريبة من الوجع اليومي للمواطن السعودي، تواقة لبلوغ عنان السماء، وتملك رؤية واضحة لبلدنا المعطاء وصولاً لعام 2030 ولديها برنامج التحوّل الوطني الذي يعني ميلاداً جديداً لإنسان الوطن فوق أيّ أرض سعودية وتحت كل سماء وطنية، حفظ الله قادتنا وأدام عزنا وحقق آمالنا وبلغنا طموحاتنا الوطنية وجعلنا جنوداً لهذا الوطن (أغلى أرض) وإلى لقاء والسلام.