فيصل خالد الخديدي
يعيش الفنان التشكيلي فترات طويلة من عمره يبني ذاته، ويطور أدواته، وينحت في تجربته الفنية والمعرفية والفكرية؛ ليصل إلى أفضل المستويات, ويمد جسور التواصل مع جميع الأطراف التي تسهم في خدمة منجزه، وإظهاره بالشكل الذي يستحق, ويفتح قنوات التواصل الصحيحة والممكنة مع المؤسسات الحكومية والخاصة؛ ليقدم نفسه وتجربته، وينال مساحته المستحقة من العرض والتقديم لتجربته بما يليق بفنه وتفرده واشتغاله على نفسه.. وهو حق طبيعي لكل فنان صادق مع فنه، ومجتهد في تطوير ذاته، وصناعة منجز مختلف يستحق الظهور والدعم والإنصاف.
وأمام كل هذه الجهود المضنية من اشتغال الفنان على نفسه وأدواته يفاجأ بتجاهل وتهميش لمنجزه ولمسيرته مقابل إظهار وإشهار لمن هم أقل إنتاجًا وموهبة وفنًّا دون أي معيارية في التفضيل والتقديم، وإنما محسوبيات ومعارف وكسل من المؤسسة الثقافية والفنية في البحث عن الأجود الذي يستحق الظهور والتقديم لمنجزه المتميز وإبداعه المتفرد دون أي اعتبارات مناطقية أو معرفاتية وعلاقات شخصية.
إن مثل هذه التصرفات غير المسؤولة عانت منها الساحة التشكيلية فترات طويلة في حضور من يستحق الحضور على مستوى الفعاليات المحلية والتمثيل الدولي للفنون التشكيلية, بل إن الكسل وصل ببعض المؤسسات الثقافية أن تعتمد في مشاركاتها الدولية على قائمة أسماء لم تُحدَّث، ورثتها من أيام الرئاسة العامة لرعاية الشباب ومعارض المملكة بين الأمس واليوم التي جابت العالم بقائمة الأسماء نفسها.
إن ما يلوح في الأفق التشكيلي من تكرار ممارسة الإقصاء في حق الفنان الحقيقي على حساب ظهور الفنان المصنع وفق قوالب وضعتها بعض المؤسسات الخاصة، وامتدت سطوتها للمؤسسات الثقافية الحكومية، أمر مزعج ومربك للساحة التشكيلية المحلية، ومدعاة للقلق على مستقبل الفنون التشكيلية وظهورها بشكل مسوخ مستنسخة من تجارب عالمية سابقة؛ لتخدم توجهًا معينًا أو منطقة بعينها على حساب تنوع وثراء فنون وطننا الغالي، وقدرة فنانيه المتنوعة والممتدة بعرض مساحة الوطن الجغرافية والتاريخية.
إن الأمل كبير مع رؤية وزارة الثقافة في تصحيح الأوضاع، والوقوف على مسافة واحدة من الفنانين دون محاباة ولا إقصاء وفق معيارية العمل الحقيقي والصادق الذي يقدم الفنان بما يضمن الاستثمار الأمثل في طاقات أبناء الوطن بمختلف أجيالهم.