خالد الربيعان
البنوك العالمية السنوات الأخيرة اتجهت لاستثمار المال في كرة القدم، والعلاقة أصبحت بالتراضي بين البنوك والمؤسسات المالية: وبين الأندية الرياضية والاتحادات الدوليةّ! إذ رحبت هذه الأندية بالبنوك كطرف ومستثمر قوي للغاية من ناحية: (التمويل).. التمويل الذي هو أهم ما تبحث عنه إدارات الأندية الرياضية السنوات الأخيرة.. عصر الاحتراف و التسويق الرياضي.. والمال الذي يتحكم في سقف انتقالات صفقات اللاعبين، وجودة بنية وملاعب ومتاجر الأندية، وبالتالي إنجازاتها وبطولاتها..التي تؤدي لمزيد من الجذب للممولين والمستثمرين، وتدور الدائرة!
نادي توتنهام الإنجليزي الذي احتفل احتفالاً تاريخياً بالانتقال لملعبه بعد التجديد «وايت هارت لين» والانتهاء أخيراً من اللعب المؤقت على إستاد ويمبلي- الذي هو مِلك للاتحاد الإنجليزي ومخصص للمنتخب الإنجليزي فقط! -، توتنهام أقام هذا المشروع الضخم بالاستعانة ببنك أوف أميركا، ومؤسسة جولدمان ساكس المالية الأمريكية، بتمويل 828 مليون دولار (3 مليارات ريال )! رقم ضخم سيتحول على ديون لتوتنهام، الذي ضحَّت إدارته هذا الموسم بعدم التعاقد مع أي لاعب من أجل هذا المشروع، الذي خرج بمواصفات عالمية من زمن آخر، لنقلة تخدم إستراتيجية النادي في هذا العصر..
نفس المخطط يفعله تشيلسي بتجديد ستاده ستامفورد بريدج بتمويل 500 مليون باوند من رئيسه الذي بدوره يتلقى التمويل من مؤسسات وبنوك، التي قامت أيضاً (بدور الوسيط) في بيع 13 % من أسهم مانشسترسيتي لمستثمرين صينيين قبل سنوات!، لا ننسى أن مُمَول توتنهام: «جولدمان ساكس» أيضاً موَّل مشاريع البنية التحتية وستادات لأندية: يانكيز الأمريكي (البيسبول)، بروكلين نتس (كرة السلة)، نيويورك جيانتس و نيويورك جيتس (كرة القدم الأمريكية)، والقائمة تطول: إستادات في مينيسوتا ولوس أنجلوس وكاليفورنيا و أورلاندوّ!
في إسبانيا: ريال مدريد ذهب لبنك سانتاندير ومجموعة جي بي مورجان الأمريكية: لمشروع تجديد إستاده التاريخي «سانتياجو برنابيو»، والقيمة هنا 575 مليون يورو (400 مليون ريال)، بنك سانتاندير أيضاً مرتبط برعاية قوية مع رابطة الدوري الإسباني «لاليجا»،لتحمل بطولة الدوري اسم البنك: «لاليجا سانتاندير».. بمقابل يُدفع للرابطة بقيمة 20 مليون يورو سنوياً.
حسناً.. هل البنوك «كمستثمر قوي جداً في عالم الاقتصاد الرياضي «دورها يقتصر على بناء الإستادات؟ بالطبع لا.. هي أيضاً في مجال الرعاية..ومنذ سنوات طويلة، يعلن البنك عن نفسه وخدماته و«علامته التجارية» بالشراكة مع نادي شهير له جماهيرية طاغيةّ! كما في حالات ليفربول وبرشلونة وأياكس.
أكثر الرعاة نشاطاً في دوريات 54 دولة في أوروبا: تلك التي ترتبط بالخدمات البنكية والتأمين، بنسبة 14 % من إجمالي الرعاياتّ! حمل الدوري الإنجليزي «بريمرليج» اسم بنك «باركليز» لمدة 15 سنة كاملةّ! عبارة «ستاندرد تشارترد» على قميص ليفربول: هو اسم البنك راعي النادي في شراكة منذ 2010 وستستمر لـ2023.. النادي يستفيد بـ160 مليون باوند سنوياً (781 مليون ريال).. رقم ضخم لولاه ما تمكن ليفربول من إتمام صفقات قياسية كالبرازيلي أليسون الذي كان أغلى حارس مرمى وقت الصفقة، ولا تمكن من شراء أغلى مدافع في تاريخ كرة القدم الآن: الهولندي فان دايك!
الاستثمار الرياضي من البنوك العربية وخاصةً السعودية في أندية الدوري السعودي هو استثمار مضمون، سواء بتمويل مشروعات الأندية، أو بالارتباط معها في رعايات وشراكات، وخصوصاً أن الدوري السعودي قد أصبح أكثر الدوريات شعبية وإمتاعاً على المستوى الإقليمي والعربي.. والسنوات القادمة هذا الدوري سيكون أمتع وأقوى.. والتنافس عليه أشدّ!
الإستاد..
الكلمة التي تكرّرت كثيراً في المقال.. لماذا تهتم به الأندية لهذه الدرجة؟ لأنه لا دولة بلا أرضّ! ولا معركة بلا ميدان، ولا تعليم بلا مدرسة، ولا رياضة بدون ملعب «محترم»! ولأن الإستاد يعني الجمهورّ! ولأنه مبيعات التذاكر، ولأنه متاجر الأندية، ولأنه واجهة النادي /الدوري/ ورياضة الدولة أمام كاميرات العالم..